حداثة …قصة قصيرة جدا بقلم أبو سلمان
متدثرًا بمعطفٍ ثقيل، وطاقيةٍ صوفية، وحداثةِ “كانط”، و مثاليةِ “هيجل”؛ وقفت – متعاليًا على تلك الكائنات الملتفة حول عربة الفول تلتهم “الحار” و”الحلو” – أبتاع كيسا بجنيهين.
ألقى “سعيد” أصابع البطاطس في “طاسة” الزيت الواسعة، ثم حرك يده ببذاءة مخاطبا “كرم”:
- “خدناكوا رايح جاي!”
فسحب “كرم” شهيقا متحديا من مؤخرة حلقه، وصرخ فيه:
- “يا ابني احنا مقسمين عليكوا من أول دقيقة، بس هو الحظ!”..
ثم بصق عن يمينه بغيظ وأضاف:
-“حظ عوالم أقسم بالله!”
وجدتها فرصة للتودد إليه علّني أحظى بـ”مغرفة” فول إضافية.. فابتسمت له مؤيدا وقلت:
- “كل مرة كده، نبقى مقطعينهم التسعين دقيقة وفي الآخر الأهلي يخطف الماتش!”
نظر إلي بدهشة، ثم قال بامتعاض:
- “أهلي إيه وزمالك إيه يا أستاذ؟!”
أربكني امتعاضه فسألته بحرج:
- “إمّال مين إللي كان بيلعب امبارح؟”
أدار وجهه – بعدم اكتراث – دون أن يجيبني، وشرع في ملئ كيس الفول.. وقبل أن يفتك بي الحرج أجابني الكائن الواقف بجواري دون أن ينظر إليّ، وأصابعه الخمسة تدس نصف رغيف في فمه:
- “البارسا والريال يا كابتن.. كلاسيكو الليجا”
لم أجد لدي ما أقوله فوقفت صامتا، ومددت يدي – بحرج – لأضم ياقة معطفي.. وبعد قليل وضع “كرم” في يدي “كيس الفول”، وبعض أوراق “الجرجير”، وما تبقى من “كانط” و”هيجل”؛ فأخذتها وانصرفت!
التعليقات مغلقة.