موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

جميلة بوحيرد … بقلم طارق بدراوي

244

جميلة بوحيرد … بقلم طارق بدراوي

جميلة بوحيرد محاربة ومناضلة جزائرية من المحاربات والمناضلات اللاتي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية أثناء الإستعمار الفرنسي لبلادها الذى إستمر لمدة 132 عاما منذ يوم 5 يوليو عام 1830م وإنتهي في يوم 5 يوليو عام 1962م لبلادها حيث غزت فرنسا الجزائر وإحتلتها بعد أن تعرض قنصلها للإهانة على يد الحاكم الجزائري الذي كان يحمل لقب الداي في اليوم المذكور ومنذ اليوم الأول للإحتلال الفرنسي حارب الجزائريون قوات الإحتلال بضراوة لكن عدوهم كان يتفوق عليهم عدة وعددا وعلي مدى العقود الخمسة اللاحقة كانت معظم أراضي الجزائر الخصبة قد صودرت ومنحت لمستوطنين فرنسيين وصل عددهم إلى ربع مليون مستوطن في الوقت الذي كان فيه تعداد الشعب الجزائري يتناقص بإطراد وفي السنوات السابقة لقيام الحرب العالمية الثانية قامت فرنسا رسميا بضم الجزائر إليها لتصبح مقاطعة فرنسية في أفريقيا وعلى الرغم من رفض الشعب الجزائري للإجراء الفرنسي فقد قامت قوات الإحتلال بتجنيد شباب الجزائر للقتال دفاعا عن فرنسا خلال الحرب ثم كانت الفترة التي أعقبت الحرب أكثر دموية للجزائريين من الحرب نفسها حيث كان من الواضح أن فرنسا التي خرجت منتصرة من الحرب ستأكل وعودا أطلقتها بمنح الحرية للجزائريين لو قاتلوا معها وكان من الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى إندلاع مظاهرات سلمية لأشهر متتالية إحتجاجاً على المعاملة السيئة لقوات الإحتلال بعد الحرب فمثلا كان قد تم في ذلك الوقت حصر توزيع الخبر على الأوروبيين فقط أما غيرهم فحصتهم كانت من خبز الشعير وكان من هذه المظاهرات مظاهرة ضمت حوالي 15 ألف جزائرى في منطقة مستغانم دونما حادث يذكر لكن ذلك سرعان ما تغير عندما قام الجيش الفرنسي بإرتكاب مذبحة مريعة في شوارع بلدة سطيف وما جاورها علي مدى أيام قليلة ردا على المظاهرات السلمية ففي يوم 8 من شهر مايو عام 1945م وهو اليوم الذي إختاره الحلفاء للإحتفال بإنتصارهم على النازية تجمع آلاف الجزائريين قرب أحد مساجد البلدة للقيام بمسيرة سلمية سبق لمنظميها أن حصلوا على موافقة السلطات عليها لكن القوات الفرنسية التي جئ بها من مدينة قسطنطينة لم تمهل الجماهير كثيرا حيث فتحت عليها نيران رشاشاتها وخلال دقائق كانت الجثث تملأ الشوارع وتحدث الشهود عن مناظر مرعبة فقد كان مرتزقة الفرقة الأجنبية الشهيرة بقسوتها في الجيش الفرنسي يمسكون الأطفال من أرجلهم ويضربون برؤوسهم الجدران والصخور ويبقرون بطون الحوامل ويلقون بالقنابل اليدوية في مداخن المنازل لقتل قاطنيها كما تعرض من حاولوا دفن القتلى إلى مجازر مماثلة بنيران الرشاشات وسط المقابر وتشير السجلات العامة إلى أن المستوطنين الأوروبيين أفزعتهم بادرة التظاهر إلى درجة أنهم كانوا يشجعون جنودهم على قتل الجميع وهكذا توسعت المذبحة على مدى الأيام القليلة التالية فقصفت القرى القريبة بالمدفعية فيما إستخدم الطيران لدك كل ما لم يطله مدى المدفعية وقد سقط في تلك المجزرة الشنعاء أكثر من 45 ألف شهيد جزائري وكان من الروايات التي تبين بشاعة الحدث أن عقيدا مسؤولاً عن دفن القتلى تعرض للوم بسبب بطئه في العمل فأجاب قائلا أنتم تقتلون بأسرع من طاقتنا على الدفن .

وفي هذا المناخ الثورى المشتعل ضد الإحتلال الفرنسي للجزائر ولدت جميلة بوحيرد في حي القصبة العربي بمدينة الجزائر العاصمة في شهر يونيو عام 1935م في أسرة متوسطة الحال تتكون من أب جزائري مثقف وأم تونسية الأصل وكانت هي البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها فقد أنجبت والدتها 7 شبان وكان لوالدتها التأثير الأكبر في حبها للوطن فقد كانت أول من زرع فيها حبه وكانت دائما تذكرها بأنها جزائرية لا فرنسية رغم سنها الصغيرة آنذاك ولما بلغت جميلة سن المدرسة الإبتدائية إلتحقت بإحدى المدارس وعندما كان الطلاب الجزائريون يرددون وقتذاك في طابور الصباح فرنسا أُمنا كانت تصرخ وتقول الجزائر أًمنا فكان يخرجها ناظر المدرسة الفرنسي من طابور الصباح ويعاقبها لكنها لم تتراجع ولم يؤت هذا العقاب أكله بل زادها إصراراً وتشبثاً بموقفها وإلتحقت جميلة بعد ذلك بمعهد للخياطة والتفصيل حيث كانت تهوى تصميم الأزياء ومارست الرقص الكلاسيكي كما أنها كانت ماهرة في ركوب الخيل وبحلول عام 1954م كانت ثورة الجزائر وهي تسمي أيضا حرب الجزائر قد تم التخطيط لها وتم تحديد تاريخ الأول من شهر نوفمبر عام 1954م لإنطلاق حركة الكفاح المسلح تحت لواء جبهة التحرير الوطني الجزائرية كما قررت اللجنة أيضا منح مسمى جبهة التحرير الوطني للتنظيم الذي ينوي القيام بالثورة وقيادتها وأن يكون جيش التحرير الوطني هو الجناح العسكري لها وكانت تتمثل مهمة جبهة التحرير في التواصل مع التيارات السياسية التي تتألف منها الحركة الوطنية وحثها علي الإنضمام لصفوف الثُوار بالإضافة إلى تشجيع المواطنين الجزائريين على الكفاح ضد الإستعمار الفرنسي وفي اليوم المحدد إنطلقت شرارة الثورة بقيام مجموعات من الثوار المزودين بأسلحة قديمة وبنادق صيد وبعض الألغام بعمليات عسكرية تم من خلالها إستهداف مراكز الجيش الفرنسي في شتى أنحاء البلاد وكان من المخطط له أن تنفذ هذه العمليات في آن واحد وكانت الرصاصة الأولى التي أطلقت بمثابة إعلان للثورة وقد شملت هذه العمليات مهاجمة الثكنات الفرنسية بعدة مدن وقرى تشمل عدد 5 مناطق تقع شمالي دولة الجزائر حيث كانت المنطقة الأولي تقع جنوبي شرق العاصمة الجزائر بينما كانت تقع المنطقة الثانية شمال شرقي الجزائر وكانت المنطقة الثالثة تقع جنوبي غرب العاصمة الجزائر أما المنطقة الرابعة فقد شملت كل من الجزائر العاصمة وبوفاريك والبليدة بوسط شمال الجزائر بينما كانت المنطقة الخامسة تقع غربي شمال الجزائر وبإعتراف السلطات الفرنسية الإستعمارية فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية عبر كل مناطق الجزائر في ليلة أول نوفمبر عام 1954م قد بلغت ثلاثين عملية خلفت مقتل 10 أوروبيين وعملاء وإصابة عدد 23 آخرين بجراح وخسائر مادية تقدر بالمئات من الملايين من الفرنكات الفرنسية .

وإنضمت جميلة بوحيرد إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية عن طريق شقيقها للنضال ضد الإحتلال الفرنسي وهي لم تكمل العشرين من عمرها بعد ثم إلتحقت بصفوف الفدائيين وكانت أول المتطوعات مع المناضلة جميلة بو عزة التي كانت محاربة ميدانية وبارعة في زرع القنابل في طريق قوات الاحتلال الفرنسي وكانت هي منفذة إنفجار مقهي كوك هاردي بالجزائر العاصمة ونظرا لبطولاتهما أصبحتا المطاردتان رقم 1 ورقم 2 من جانب قوات الإحتلال الفرنسية وكان دور جميلة النضالي يتمثل في كونها حلقة الوصل بين قائد الجبل في جبهة التحرير الجزائرية ومندوب القيادة في المدينة ياسيف السعدي الذي كانت المنشورات الفرنسية تعلن عن مكافأة قدرها 100 الف فرنك فرنسي ثمنا لرأسه وكان هذا المبلغ مبلغا كبيرا حينذاك ومن ثم إضطلعت بالمهام الصعبة التي لا يقوى عليها إلا الرجال الأشداء حيث كانت تقوم بنقل الأسلحة وزرع القنابل والعبوات الناسفة في الأماكن التي يرتادها المستعمرون الفرنسيون كما كانت تقوم بنقل القنابل للمجاهدين مستغلة في ذلك مظهرها البرجوازى كى لا تكون محل ريبة وشك وكانت هناك مناضلتان معها تقومان بنفس المهمة هما زهرة ظريف وسامية لخضارى وكانت جميلة تنقل القنابل من داخل حي القصبة العربي فى العاصمة الجزائرية الجزائر إذ كان يسمح لها مظهرها البرجوازى بالعبور عبر الحواجز الأمنية المحيطة بالمنطقة العربية منتقلة إلى المنطقة الأوروبية وهي تحمل القنابل فى حقيبتها الخاصة التي تحمل فيها المايوه والمناشف وزيوت الشمس وذلك بحجة الخروج من القصبة للإستمتاع بشاطئ البحر وقد لقي الكفاح الجزائرى المسلح ضد قوات الاحتلال الفرنسي دعما كبيرا خصوصا في المناطق الريفية وبين القرويين أما في المدن فإن الأحياء الشعبية مثل حي القصبة الذى ولدت به وكانت تقيم به جميلة بوحيرد في العاصمة الجزائر وفرت دعما ممتازا للمقاتلين وأصبحت مناطق شبه محظور دخولها على قوات الاحتلال كما كانت المظاهرات العارمة تندلع في المدن الجزائرية حيث كان المتظاهرون يتصدون لقوات الإحتلال بصدورهم العارية غير عابئين بالموت وقد إستمرت جميلة في أداء المهام التي كانت توكل إليها قرابة السنتين حيث إكتشف أمر المجموعة التي كانت تعمل من خلالها في عام 1956م وأصبحت هي وزميلاتها مطلوبين من سلطات الإحتلال الفرنسي . وفي أحد الايام كانت جميلة بوحيرد متوجهة لياسيف السعدي برسالة جديدة لكنها أحست أن ثمة من يراقبها فحاولت الهروب غير أن جنود الإحتلال طاردوها وأطلقوا عليها الرصاصات التي إستقرت إحداها في كتفها الايسر وحاولت المناضلة الإستمرار في الهرب غير أنها سقطت بجسدها النحيل الجريح مغشيا عليها ولم تفق إلا في المستشفى العسكري ومن ثم بدأت جلسة التحقيق والإستجواب الأولى معها لإجبارها على الإفصاح عن مكان ياسيف السعدي غير أنها تمسكت بموقفها ومن ثم بدأ جنود الاحتلال يعذبونها وإستمر ذلك لمدة سبعة عشر يوما متواصلة وإستخدموا معها أسلوب توصيل التيار الكهربائي لجميع انحاء جسدها حيث لم يحتمل الجسد النحيل المزيد وأصيبت بنزيف إستمر خمسة عشر يوما لكن لسانها وجسدها كانا أقوى من كل محاولات معذبيها وبعد ذلك تم نقلها إلي سجن بار بدوس أشهر مؤسسات التعذيب في العصر الحديث حيث بدأت نوبات أخرى من التعذيب إستمرت إحدى جلساتها إلى ثماني عشرة ساعة متواصلة وكانت تسقط مغشيا عليها وتغيب عن الوعي وحين تفيق كانت تقول الجزائر أُمنا ثم بدأت التحقيقات الرسمية معها وسمح لها بحضور المحامي الفرنسي مسيو جاك فيرجيه الملقب بسفاح المرافغات وبمحامي الشيطان وبمحامي القضايا الميؤوس منها حيث إشتهر في ذلك الوقت بتبنيه قضايا من يتم القبض عليهم من أعضاء جبهة التحرير الوطني الجزائرية وكان دائما ما يستفز هيئات المحاكم الفرنسية بترديده النشيد الوطني الجزائرى والذي قال لها بمجرد توليه مهمة الدفاع عنها لست وحدك فكل شرفاء العالم معك ورغم أن القاضي المشرف على التحقيق رفض منحه ساعة واحدة للجلوس معها للإطلاع على ملابسات القضية إلا أنه في النهاية سمح له بذلك بعد أن هدد بالإنسحاب من القضية وأيدت جميلة التهديد بأنها لن تجيب علي أية أسئلة في غير وجود محاميها وإستمر التحقيق معها قرابة الشهر وقع خلالها حادث إلقاء مفرقعات بأحد المحال الجزائرية ثم بدأت وقائع محاكمتها يوم 11 يوليو عام 1957م وذلك بعد إنتهاء التحقيقات معها ورفض عديد من المحامين الفرنسيين الإشتراك في الدفاع عنها نظرا لرفض المحكمة إطلاعهم على ملف القضية ولرفضها أيضا إستبعاد التحقيقات التي اخذت خلال جلسات التعذيب وكانت جلسة المحاكمة الأولى مجرد سجال عقيم بين المحكمة وجميلة بوعزة زميلة جميلة بوحيرد في الإتهام وإعترفت فيها بوعزة بأن جميلة بوحيرد هي التي حرضتها على إلقاء المتفجرات وكانت تتحدث بصوت عال وبشكل غير طبيعي الأمر الذي دعا مسيو فيرجيه محامي جميلة لتقديم طلب للمحكمة لعرض بو عزة على طبيب أمراض عقلية فرفضت المحكمة طلبه ورغم ذلك إستمر في الدفاع عن جميلة بو حيرد غير أن تشدد المحكمة وإنحيازها الواضح دفعه إلي إبلاغ المحكمة بأن إحترامه للعدالة وإحترامه لنفسه يضطرانه الى الإنسحاب وإلى إبلاغ نقيبهم في باريس وفي اليوم الثالث للمحاكمة تم إستجواب جميلة بو حيرد وجميلة بوعزة مرة أخرى وكذا الإستماع الى الشهود والى ثلاثة من الأطباء العقليين بشأن الحالة العقلية لبوعزة والذين رفضوا الإفصاح عن حالتها بحجة سر المهنة وكانت إعترافات جميلة بو عزة تفيد بأنه بناءا على إشارة من جميلة بو حريد وضعت بو عزة قنبلة في سلة المهملات في أحد المقاهي يوم 9 نوفمبر 1956م وفي يوم 26 يناير عام 1957م وضعت قنبلة ثانية إنفجرت في مقهى آخر نتج عنه قتل شخصين ,

وأيضا تم تضمين ملف القضية صورة من تحقيق إدعت المحكمة أن جميلة بو حيرد قد أدلت به غير أنها أنكرت ذلك وإنتهت المحكمة إلى توجيه التهم التالية لجميلة بو حيرد إحراز مفرقعات والشروع في قتل والإشتراك في حوادث قتل وفي حوادث شروع في قتل وتدمير مبان بالمفرقعات والإشتراك في حوادث مماثلة والإنضمام الى جماعة من القتلة وخمس من هذه التهم عقوبتها الإعدام وعندما قرأت المحكمة المتواطئة الحكم بالإعدام على جميلة بو حيرد في يوم 22 يوليو عام 1957م إنطلقت فجأة جميلة في الضحك في قوة وعصبية جعلت القاضي يصرخ فيها لا تضحكي في موقف الجد وكأن الموقف بالفعل كان جديا غير أنها قالت في قوة وثبات أيها السادة إنني كنت أعلم أنكم ستحكمون على بالإعدام لأن أولئك الذين تخدمونهم يتشوقون لرؤية الدماء ومع ذلك فأنا بريئة ولقد إستندتم في محاولتكم إدانتي إلى أقوال فتاة مريضة رفضتم عرضها على طبيب الأمراض العقلية بسبب مفهوم وإلى محضر تحقيق وضعه البوليس ورجال المظلات وأخفيتم أصله الحقيقي إلى اليوم والحقيقة إنني أحب بلدي وأريد له الحرية ولهذا أؤيد كفاح جبهة التحرير الوطني إنكم ستحكمون علي بالإعدام لهذا السبب وحده بعد ان عذبتموني ولهذا السبب قتلتم إخوتي بن مهيري وبو منجل وزضور ولكنكم إذ تقتلوننا لا تنسوا أنكم بهذا تقتلون تقاليد الحرية الفرنسية ولا تنسوا انكم بهذا تلطخون شرف بلادكم وتعرضون مستقبلها للخطر ولا تنسوا أنكم لن تنجحوا أبدا في منع الجزائر من الحصول على إستقلالها وقد خرجت هذه الكلمات من فم جميلة من قاعة المحكمة إلى أرجاء العالم عالية مدوية وقد تعمد في البداية المستعمر الفرنسي إخفاء موعد اعدامها عن الإعلام وتواطأت معه وكالات الأنباء الإستعمارية ثم أعلن أنه سيتم التنفيذ يوم 7 مارس عام 1958م إلا أن العالم كله ثار من أجلها ولم تكن الدول العربية وحدها هي التي شاركت في إبعاد هذا المصير المؤلم عن جميلة وإجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بعد أن تلقت الملايين من برقيات الإستنكار من كل أنحاء العالم حيث إنهالت على داج همرشولد السكرتير العام للأمم المتحدة وقتها البطاقات والبرقيات من كل مكان في العالم تقول أنقذ جميلة أنقذ جميلة وبالفعل في البداية تأجل تنفيذ الحكم وما هي إلا أيام قليلة وتقهقر الإستعمار الفرنسي وأعلن السفاح لاكوست جلاد الجزائر انه طلب من رئيس جمهورية فرنسا وقتئذ العفو عن المناضلة جميلة بوحيرد ثم يتبجح ويقول ما من إمرأة أعدمت على أرض فرنسية منذ خمسين عاما وتم تعديل الحكم من الإعدام إلى السجن مدى الحياة وبعد فترة من سجنها بالجزائر تم نقلها إلي السجن في فرنسا وبذلك كانت إرادة الشعوب هي الأقوى والأبقى وعلت فوق إرادة الظلم والإستعمار الغاشم ومن ثم لم يتم إعدام جميلة بو حيرد كما حكمت المحكمة الظالمة ويومها قال محاميها مسيو فيرجيه لو كانت جميلة قد أعدمت لكنت إقتحمت مكتب الجنرال ماسو والجنرال بيجار وقتلتهما فلم أكن أتصور موتها فحياتها هي التي جعلتني اليوم متصالحاً مع نفسي .

وبعد كفاح مرير وبعد أن قدمت الجزائر عدد مليون شهيد إستطاعت الحصول علي إستقلالها في يوم 5 يوليو عام 1962م وتحررت من الإستعمار الفرنسي وخرجت جميلة بوحيرد من السجن وتولت رئاسة إتحاد المرأة الجزائري لكنها إضطرت للنضال في سبيل كل قرار وإجراء تتخذه بسبب خلافها مع الرئيس الجزائرى الأول بعد الإستقلال أحمد بن بلة وقبل مرور عامين قررت أنها لم تعد قادرة على إحتمال المزيد فإستقالت وتركت الساحة السياسية وتزوجت محاميها الفرنسي جاك فيرجيه في عام 1965م الذي كان يدافع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني خاصة المجاهدة جميلة بوحيرد والذي أسلم وإتخد منصور إسما له وأنجبت منه إبنها إلياس وهو اليوم في الخمسين من العمر ويعمل مهندسا معماريا في فرنسا وإبنتها مريم وهي متخصصة في العلوم السياسية وتعمل وتقيم في نيويورك وكانت وفاة هذا المحامي في باريس في عام 2013م عن عمر يناهز 88 عاما بعد إصابته بسكتة دماغية ومما يذكر أنه بعد الإستقلال وفي أواخر عام 1962م زارت المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد مصر مع زميلتها زهرة بوظريف وهي الزيارة التي لقيت إستقبالا حافلاً سواء على المستوى الشعبي أو الدبلوماسي وكان في إستقبالهما وقتها الدكتورة حكمت أبو زيد وزيرة الشئون الإجتماعية وصلاح الدسوقي محافظ القاهرة حينذاك وكثير من الفتيات الذين يحملون الورود والياسمين والكثير من الصحفيين والإعلاميين وعند نزولها من الطائرة علت الهتافات كما إستقبلها الرئيس الراحل الرئيس جمال عبد الناصر في مكتبه وبعد سنوات طويلة وفي عام 2018م كرمت مصر جميلة بوحيرد وسط حضور نسائي ورسمي رفيع على هامش حضورها الدورة الثانية من مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة الذي كان يحمل إسمها وخلال تكريمها قالت بوحيرد إن الشعب المصري عظيم وكريم معبرة عن بالغ سعادتها لما لمسته من محبة وترحيب وحفاوة ومؤكدة أنها لن تنسى تضامن الشعب المصري مع قضية الشعب الجزائري وثورته ضد الإحتلال الفرنسي وتكريمها من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وفي خلال شهرى فبراير ومارس عام 2019م فوجئ بها المتظاهرون الرافضين لترشح الرئيس الجزائرى السابق عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة وهي تسير وسطهم بخطى واثقة وإبتسامة هادئة مؤيدة لهم مما دفعهم للهتاف بإسمها وعلاوة علي ذلك ففي يوم 22 يناير عام 2020م كرمها الرئيس التّونسي الحالي قيس سعيد حيث إستقبلها بقصر قرطاج ومنحها الصنف الأول من وسام الجمهورية التونسية تقديراً لمكانتها ولنضالها الطّويل من أجل تحرير الجزائر من الإستعمار الفرنسي وكفاحها المستمر للدفاع عن الحريات .

وجدير بالذكر أن السينما المصرية قد خلدت سيرة المناضلة جميلة بوحيرد ونضال الشعب الجزائرى ضد الإستعمار الفرنسي الغاشم من خلال إنتاج فيلم باسم جميلة والذى تناول سيرة حياتها وإنضمامها لجبهة التحرير الوطني الجزائرية وحتي الحكم عليها بالإعدام حيث كان قد تم إنتاجه في عام 1958م قبل إستقلال الجزائر في عام 1962م وكانت الجزائر حينذاك ما زالت تحت الإحتلال الفرنسي وكان هذا الفيلم من إخراج يوسف شاهين وإشترك أربعة في كتابة السيناريو الخاص به وهم الأديب يوسف السباعي والأديب عبد الرحمن الشرقاوى وعلي الزرقاني ووجيه نجيب وتم تصوير مشاهده الداخلية في ستوديو مصر والخارجية في ستوديو الأهرام وقامت بدور البطولة فيه الفنانة الكبيرة ماجدة الصباحي ولعبت فيه دور جميلة بوحيرد وكانت في نفس الوقت هي منتجة وموزعة الفيلم وشاركها البطولة العديد من الفنانين الكبار منهم الفنان محمود المليجي والذى لعب فيه دور محاميها الفرنسي وزوجها المستقبلي جاك فيرجيه والفنانون الكبار صلاح ذو الفقار وأحمد مظهر وعبد الغني قمر وفاخر فاخر وحسين رياض ورشدى أباظة وعدلي كاسب وفتوح نشاطي وصلاح نظمي وأحمد لوكسر والفنانات الكبيرات زهرة العلا وفريدة فهمي وتهاني راشد ونادية الجندى هذا وتعتبر جميلة بوحيرد أشهر رمز للمقاومة في الجزائر والعالم العربي بل هي الأشهر علي الإطلاق عندما يذكر العرب إسماً لمناضلة وقد ألهمت شخصيتها الكثير من الشعراء العرب حتى أن بعض النقاد أحصى ما يقرب من سبعين قصيدة كتبها عنها أشهر الشعراء في الوطن العربي منهم الشاعر السورى الشهير نزار قباني والشاعر المصرى صلاح عبد الصبور والشاعران العراقيان بدر شاكر السياب ومحمد مهدى الجواهري وغيرهم وكان مما قيل فيها قالوا لها بنت الضياء تأملي ما فيك من فتن ومن أنداء سمراء زان بها الجمال لونه وإهتز روض الشعر للسمراء وبالإضافة إلي ما سبق قام المخرج الفرنسي باربت شرويدر بإخراج فيلم عن حياة زوجها المحامي جاك فيرجيه المليئة بالأحداث والأسرار المثيرة والمفاجآت وكان يحمل عنوان محامي الرعب وتناول من خلاله سيرة حياته ودفاعه عن جميلة بوحيرد وزواجه منها وقصة إختفائه المفاجئ عن الأنظار لمدة ثمانية أعوام من عام 1970م وحتي عام 1978م ويبين الفيلم أنه كان يتنقل في هذه الفترة بين العديد من البلاد العربية وتحديدا بين العراق وسوريا ولبنان والأردن واليمن ومصر .

التعليقات مغلقة.