موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

مماليك نابليون …بقلم د.على الحفناوى

572

مماليك نابليون …

بقلم د.على الحفناوى

بمناسبة المقال السابق عن “موسى زمارة”، آخر مماليك الحرس الامبراطورى الفرنسي في عهد نابليون، جاءتنى بعض الأسئلة والتساؤلات عن قصة هؤلاء المماليك الذين جلبهم نابليون من مصر بعد حملته عليها. لذلك رأيت اطلاع القارئ على بعض المعلومات التاريخية التي تحيط بتلك الواقعة.

منذ الحروب الصليبية، ظلت صورة المماليك في ذهن الأوروبيين الذين أُخرجوا من فلسطين، أن هؤلاء المماليك هم قوم من العبيد الذين صاروا ملوكا على أراضى الإمبراطورية العثمانية، والتي بدأ تفتتها منذ القرن الثامن عشر، وخاصة فيما يخص سيطرتهم على مصر. وابان وصول جيوش نابليون، كانت الهيمنة في مصر لكل من مراد بك وإبراهيم بك، اللذان اقتسما حكم البلاد ارتكازا على نحو عشرة آلاف من فرسان المماليك الذين برعوا في مختلف المعارك الداخلية والخارجية.

لما كان معظم المماليك في هذا العصر من أصول شركسية تم شراؤهم أطفالا وتدريبهم عسكريا في بيوت أمراء المماليك، كانت لديهم عقيدة غريبة؛ إذ يذهب الفارس المملوكى إلى المعركة وهو يلبس أفخم الملابس الملونة والحلى والأحجار الكريمة التي تمثل كل ثروة الفارس في الحياة، حتى تكون شجاعته واقدامه في المعركة مبرَرا بالدفاع عن كل ما يملكه في الحياة، فلا تكون الجروح والاصابات عائقا لاستكمال القتال… كذلك برع الفارس المملوكى في استخدام سلاح السيف العثمانى المقوس بالغ الحدة.

عندما حاولت قوات المماليك صد الهجوم الفرنسي في معركة شبراخيت ثم معركة امبابة، انبهر نابليون بإقدام ورعونة فرسان المماليك التي كانت تهاجم القوات الفرنسية الحديثة لقتال مدافعهم بحد السيف، كما أعجب بمظهرهم الملون وببراعتهم في ركوب الخيل العربية الرائعة. لتلك الاعتبارات، وبعد نهاية المعارك، عندما تقدم الشيخ البكرى بهدية لنابليون عبارة عن حارسه الشخصى المملوكى “رازا رستم”، قبل نابليون هذا العبد القوقازى وعينه فورا حارسا شخصيا له، وظل ملازما لنابليون، ينام خلف باب غرفته طوال حياته الإمبراطورية. وأصبح لقب رستم “مملوك نابليون”… وفى وقت لاحق في فرنسا، أراد نابليون أن يكون لديه حارسين شخصيين، فعين أحد أفراد خدمة الخيالة الفرنسيين واسمه “لويس سان دونيه”، وألبسه لباسا مملوكيا، وأسماه “على”، فصار مملوك نابليون الثانى.

في سبتمبر 1799، وبعد مغادرة نابليون مصر، قام خليفته كليبر بتشكيل فرقة عسكرية قوامها 300 جندي، مشكلة من جنود من الشراكسة والعثمانيين والمماليك، وقام بإعطاء اسم لهذه الفرقة “مماليك الجمهورية”. وعند مغادرة الجيش الفرنسي مصر عام 1801، ونظرا لانخراط تلك الفرقة في خدمة الجيش الفرنسي، اضطر أعضاءها مغادرة مصر مع الفرنسيين خوفا من انتقام المصريين لخيانتهم… وكان انخراطهم في المجتمع الفرنسي صعبا أيضا، حيث كانوا من السادة في مصر وأصبحوا هناك من الرعايا الأجانب.

في 13 أكتوبر 1801، أمر نابليون بتشكيل فيلق عسكرى من فرسان المماليك، فتم تشكيله بقيادة الجنرال “راب” مكونا من 13 ضابطا و155 جنديا فارسا. وأصبح هذا الفيلق هو أساس الحرس الامبراطورى (شبيه بالحرس الجمهورى)، واشترك في عدة معارك في ألمانيا وروسيا وأسبانيا، ومع انخفاض عدد المماليك نتيجة للاصابات في المعارك، بدأ نابليون بتعيين فرنسيين تعويضا للأعداد المفقودة في المعارك، مع الباسهم ملابس المماليك التي كان يتبارك بها الامبراطور نابليون بونابارت.. لذلك، وبعد 1809، زاد عدد الفيلق المملوكى إلى 583 جندي، منهم 374 جندي مملوكى من أصل فرنسى.

يذكر أن جيش المماليك كان يلبس العمامة ويتوسطها أعلى الجبهة الهلال الاسلامى الذى يتوسطه النسر الامبراطورى الفرنسي. وبعد الانتصار في معركة “أوسترليتز” عام 1807، ونظرا لبطولات فرقة المماليك بتلك المعركة، تم تسليمها علما خاصا بها عام 1813، فكانت أول فرقة عسكرية تحمل العلم المكون من الثلاثة تقسيمات الرأسية بالثلاثة ألوان المعروفة للعلم الفرنسي الحالي، الذى لم يصبح علما رسميا لفرنسا إلا سنة 1830.

من المماليك الذين اشتهروا في الفيلق المملوكى ببطولتهم، الضابط “عبد الله داسبون” والضابط “شاهين”، وهما ممن غادروا مصر مع الحملة… أما باقى المماليك، فالمعروف أنه تم اضطهادهم بعد خلع نابليون وعودة الملكية عام 1815، فقد تم جمعهم وتركيزهم في مدينة ميولان ومدينة مارسيليا كلاجئين مصريين، ثم أمر الملك لويس الثامن عشر بنفيهم في جزيرة سانت مارجريت الواقعة بالبحر المتوسط، بل وحبسهم أيضا. وفى عام 1817 استطاع نحو خمسون من هؤلاء المماليك الهرب بباخرة واتجهوا عائدين إلى مصر. وعند وصولهم، أمر محمد على باعتقال واعدام أيا من هؤلاء المماليك إن دخل إلى البلاد، نظرا لاعتبارهم من الخائنين لمصر، وفى الحقيقة كان ذلك لإرضاء الملك الفرنسي…

اضطرت تلك المجموعة الهاربة من الاضطهاد الفرنسى للعودة إلى مارسيليا بفرنسا، ليعيشوا بها حياة بائسة، حيث حصلوا بعد فترة على مقابل ضئيل كمعاش لخدمتهم بالجيش الفرنسي. كما استطاع قلة من هؤلاء الانضمام مرة أخرى للجيش الفرنسي، ولكن للقيام بأعمال الترجمة وقت بدء احتلال الجزائر.

هذه هي قصة مماليك نابليون، من عبيد إلى مرتزقة إلى أسياد إلى مرتزقة مرة أخرى كديكور يتناسب مع عظمة امبراطور شاب… إلى بؤساء مهاجرين بلا وطن.

التعليقات مغلقة.