في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي ســالم
الحلقة الثانية والأربعون بعد المائة.. أبو هريرة.. ( أبو الرواة ) -7
حادي عشر.. مواقف لأبي هريرة في حياته..
- أوكل النبي محمد لأبي هريرة بعض الأعمال.. كحفظ أموال زكاة رمضان.. كما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مؤذّنًا مع العلاء بن الحضرمي حين بعث النبي محمد العلاء واليًا على البحرين..
- بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. شارك أبو هريرة في عهد أبي بكر الصديق في حروب الردة..
- مع عمر بن الخطاب.. يروي أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال لي عمر رضي الله عنه: يا عدوَّ الله وعدوَّ الإسلام خنت مال الله.. قال: قلت: لستُ عدوَّ الله ولا عدوَّ الإسلام.. ولكنِّي عدوُّ من عاداهما.. ولم أخنْ مال الله ولكنَّها أثمان إبلي وسهامٌ اجتمعت.. قال: فأعادها عليَّ.. وأعدتُ عليه هذا الكلام. قال: فغرمني اثني عشر ألفا.. قال: فقمت في صلاة الغداة فقلت: اللهمَّ اغفرْ لأمير المؤمنين.. فلمَّا كان بعد ذلك أرادني على العمل فأبيت عليه.. فقال: وَلِمَ وقد سأل يوسف العمل وكان خيرًا منك؟ فقلت: إنَّ يوسف نبيٌّ ابن نبي ابن نبي ابن نبي.. وأنا ابن أميمة.. وأنا أخاف ثلاثًا واثنتين.. قال: أو لا تقول خمسًا؟ قلت: لا. قال: فما هنَّ؟ قلت: أخاف أن أقول بغير علم.. وأن أفتي بغير علم.. وأن يُضْرب ظهري.. وأن يُشتم عِرْضي.. وأن يُؤخذ مالي بالضرب.. !
- وذلك أنه كان قد شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد عمر بن الخطاب.. فاستعمله عمر واليًا على البحرين.. فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف.. فاتهمه عمر في تلك الأموال.. فأنكر أبو هريرة اغتصابه لتلك الأموال.. وقال له بأنها نتاج خيله.. ومن تجارته في الغلال.. وما تجمّع له من أُعطيات.. فتقصّى عُمر الأمر فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة.. وأراد عُمر بعدئذ أنه يُعيد أبي هريرة إلى ولايته على البحرين.. فأبى أبو هريرة وامتنع..
- مع عثمان بن عفان.. لم يكن أبو هريرة بمعزل عما يدور حوله من أحداث.. فقد شارك أبو هريرة في مناصرة المدافعين عن عثمان بن عفان يوم الدار.. وهو ما حفظه الأمويون لأبي هريرة.. وروى سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: “كنتُ محصورًا في الدار مع عثمان فرموا رجلًا منَّا فقتلوه.. فقلت: يا أمير المؤمنين طاب الضراب.. قتلوا منَّا رجلًا.. فقال: عزمت عليك يا أبا هريرة لما رميت سيفك فإنَّما يُراد نفسي وسأقي المؤمنين بنفسي.. قال أبو هريرة: فرميت سيفي فما أدري أين هو حتى الساعة”..
- ثم في اعتزال أبي هريرة الفتنة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه.. كان أبو هريرة ممن اعتزلوا الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم.. فلم يشهد معركة الجمل ولا صفين.. وقد اعتزل أكثر الصحابة رضي الله عنهم الفتنة.. روى (الخلال) في كتاب السنة بإسناد صحيح عن محمد بن سيرين قال: “هاجت الفتنة وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف.. فما حضر فيها مائة.. بل لم يبلغوا ثلاثين”..
- ومع بعض التابعين.. فعن سعيد بن مرجانة أنَّه قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ إِرْبٍ مِنْهَا إِرْبًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ.. حَتَّى إِنَّهُ لَيَعْتِقُ بِالْيَدِ الْيَدَ.. وَبِالرِّجْلِ الرِّجْلَ.. وَبِالْفَرْجِ الْفَرْجَ”..
- وهذا أثر أبي هريرة في الآخرين ودعوة أبي هريرة وتعليمه.. فكان أبو هريرة صاحب أثرٍ كبيرٍ في كلِّ مَن حوله بما يحمله من كنوزٍ عظيمة.. وهي بالقطع أحاديثُ النبي صلى الله عليه وسلم.. وقد أسدى للأمَّة خيرًا عظيمًا بنقله للحديث.. ومن ذلك أنَّه مرَّ بسوق المدينة المنورة.. فوقف عليها فقال: يا أهل السوق.. ما أعجزكم! قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: ذاك ميراث رسول الله يقسَّم.. وأنتم ها هنا لا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه. قالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد. فخرجوا سراعًا إلى المسجد.. ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا.. فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا أبا هريرة.. فقد أتينا المسجد فدخلنا فلم نرَ فيه شيئًا يُقسَّم. فقال لهم أبو هريرة: أَمَا رأيتم في المسجد أحدًا؟ قالوا: بلى.. رأينا قومًا يُصلُّون.. وقومًا يقرأون القرآن.. وقومًا يتذاكرون الحلال والحرام.. فقال لهم أبو هريرة: ويحكم.! فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم..
- أنكر أبو هريرة أيضا بعدها على الأمراء ما لا يقبله دينه.. فكان أبو هريرة رضي الله عنه آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر.. ولا يسكت عن منكر يراه من الأمراء.. فقد روى مسلم عن أبي زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة في دار مروان بن الحكم فرأى فيها تصاوير.. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: ” ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي؟ فليخلقوا ذرة.. أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة”..
- وروى أحمد أنه قيل لمروان بن الحكم: هذا أبو هريرة على الباب.. قال: ائذنوا له.. قال: يا أبا هريرة.. حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” أوشك الرجل أن يتمنى أنه خر من الثريا.. وأنه لم يتول من أمر الناس شيئا “.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.