قصة قصيرة الفرارات الورقية …
عبد الصاحب إبراهيم أميري
لم يكن صالح ذو الخامسة من عمره في أسرته طفلا كسائر الأطفال، حب أسرته كان حبه الأول والأخير،.
لا يلاعب الصبية ولا يخرج للشارع، الإ ويده بيد أبيه، امه وأخيه، واخته نورية، أعز الخلق عنده
حتى حدث مالم يكن يحلم بها مطلقا، سبل العيش ضاقت بابيه ولا بد للهجرة، لبدا حياة جديدة، يؤمن بها مستقبل اخر العنقود. ولده المحبوب صالح
-انا مجبور بالهجرة، يا ام صادق،
إن متجرنا لايسدد معاش اسرتين، منذ فترة ونحن نقضَم ما عندنا، والحالة لا يمكن أن تستمر على هذا المنوال
-وأين تذهب
-للبصرة دفعة واحدة، اتدري، كم تبعد عن بغداد، يوم كامل بالقطار،
لا يا ابا صادق ، لا تهدد عشنا الجميل، الله هو الرازق
- وهل قلت غير ذلك
-هل فكرت بابنتي الوحيدة، نورية، كيف افارقها، فأنا لا اطيق
ما أن وقع الخبر على مسمع صالح، سقطت أهوال الدنيا على راسه الصغير، وكاد ينفجر، فبات البكاء المرهم الوحيد، لعلاج روحه البريئة،يبكي ويبكي حتى يغلبه التعب فينام
نورية هي اخته الكبرى وتقوم بمقام أمه، فهي ظلت عالقة براسه حتى يومنا هذا، يختلي ويبكي من أجلها رغم انه تجاوز السبعين،. ومضى على رحيلها اكثر من ثلاثة عقود
إن قصة حبه تفوق قصة المجنون قيس،
،،،،،،،،،،
انتقلت الأسرة إلى كربلاء من دون نورية وبيتهم القديم، يرتبون وضعهم الالتحاق برب الأسرة، وصالح لا يهدأ ، البكاء هو علاجه الفاشل،
حاولت امه ان تشغله بأمور عده، كي لا يصيبه مكروه، ويقتله الفراق، فكانت له ابا وأما واختا،
حتى خطر على بالها خاطر
-أتريد ان تبقى صغيرا يا ولدي، ولا تكبر
-لا يا اماه، اريد ان اكون رجلا بسرعة،
كي أرى اختي نورية متى ما أشاء
-حسنا، سنبدأ من اليوم
رسمت على وجه الصبي صالح بسمة، كان قد حرم منها لفترة ليست بالقصير،
-وكيف يااماه
-ستعمل
-اعمل كابي
-نعم
قادته امه إلى السوق، وسلمته عشرة فلوس،
-ستبدأ بهذه النقود تجارتك
قلب العملة ذات العشرة فلوس يمينا وشمالا، وضعها في جيب سرواله، ضغط عليها بقوة كي لا تضيع
وصلا للسوق، وقفت الام عند بائع الفرارات،
-منذ الان ستبيع الفرارات
أبتسم الصبي صالح، وهو لا زال يضغط على العشرة فلوس
سألت البائع، ولدي سيمارس تجارة بيع الفرارات
ابتسم البائع وعرف اللعبة، ومد يده نحو الصبي صالح مصافحا، واسرد قائلا،
-الفرار الواحدة ابيعها بفلس واحد، الإ انني للتجار من أمثال ابنك، سامنحه خصما
إحدى عشرة فرارة بعشرة فلوس
-مبروك يا ولدي، ادفع له عشرة فلوس لتأخذ بضاعتك
استلم الصبي صالح الفرارات وفرحته لا تطلق، وجلس عند باب بيتهم يبيع الفرار الواحدة بفلس واحد ، ونتيجة عمله اليومي خسران فلس اوفلسين، وأمه تسدد خسارته،
والعمل بات له احسن علاج
التعليقات مغلقة.