موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

هَذَا فِرَاقُ بَيْنَنَا…صقر حبوب فلسطين

216

هَذَا فِرَاقُ بَيْنَنَا…صقر حبوب فلسطين


الثَّانِي عَشَرَ من كانونَ الثَّانِي، أو كما يحلو له الثالثَ عشرَ من شوّالَ كَانَ
يَوْمُ مِيلاَدنا في نَفْسِ السَّاعَةِ، بل في
الدَّقِيقَةِ ذاتِها… لا لا بل خَرَجْنَا من رحِمٍ واحدٍ عند اللَّحظةِ نفسها!
لذا نتَشابَهُ فِي كُلِّ المَلاَمِحِ والصِّفَاتِ
الجسديَّة للدَرَجَةِ التي لا يستطيعُ
فيها الْآخَرُونَ التَّمْييزُ بيننا، إلا في تلك النقطة التي أطلقنا عليها “فرق التوقيت” ولكن رَغْمَ تشابهنا هذا في كل شَيء إلا أنه دائما ما يجمعني به جَدَلٌ مُثِيرٌ فهو يراني زِنديقاً مُرْتَدَّاً ولا يحلو له مناداتي إلا بِسَقَر. ولا أُخفيكم سِرًّا هو لم يتجنَّ عَلَيَّ فتلك هي حقِيقَةُ الأمر معي. لذا كان يُكْثِرُ من محاولاتِه جاهدًا فتَارَةً يَمُدُّ يَدَهُ ليسحبَني من رأسي وتَارَةً يدفعُني من خلفي وأخرى يتَوَغَّلُ لِمُلامسَةِ شَغاف قلبي حتى ينجحَ في اصطحابي إلى صَومعتِه أعلى الربوة، هناك أراهُ يتعبُّد بعد أن يُسبغَ الوضوءَ ممّا يُصيبُني بالضِّيقِ والضَّجَرِ. خمسُ مراتٍ! يالها من مَضْيَعةٍ للوقتِ بتلك الأعمارِ القصيرةِ لنا معشرَ البشر.!
هكذا أتحدثُ مع نفسي، لذا أعمَدُ إلى إثارةِ حفيظتِه وحَنَقِه فأسألهُ باستهجانٍ وخُبثٍ :

  • كم تُهدرُ من وقتٍ في تلك العادات؟!
    حينها تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ حَتَّى يكادُ أَنْ يلتهمَني وبعد أن يَهيجَ غضَباً، يُغمضُ عينيهِ ويَرفعُ رأسَه إلى السماءِ
    لِيستنشقَ هواءً نقيّاً ينتفخُ به صدرُه ويتعوَّذُ ثلاثاً ثم يقولُ في سَكينةٍ وهدوء :
  • سأذهبُ في رحلةٍ تعبُّديَّةٍ ولكنْ هذهِ المَرَّةُ إلى خارجِ الكوكب وأتركُك لِغِيِّكَ فلقد تَيبَّسَ فؤادُك حتّى صارَ كصخرةٍ صمَّاءَ أو أشدَّ قسوةً.
    وكأنَّ الطَّيرَ تأكلُ من رأسي ردَّدْتُ مَشدوهاً متسائلاً :
    -وكيف ذلك وقد خرجنا قرينين! وأين ستذهبُ من دوني؟!
    أَصْدقُكم القولَ:
    أنا من هُواةِ الرِّحلاتِ والتَنقُّلِ وخاصةً الطويلةَ والبعيدةَ منها لِذا أَلَنْتُ معه الحديثَ سائلاً إيَّاهُ أن يصطحبني وحتى أنتزعَ موافقتَهُ تلك قلتُ له بمكرٍ شديدٍ :
    -“عسى أَن يَهْدِيَنِي رَبِّي.”
    وكعهدي به طيِّبُ القلبِ وبعد أن اِنْفَرَجَتْ أَساريرُ وَجْهِهِ قال مبتسِماً :
  • إذا هي رحلتُكَ التعبُّديَّةُ الأولى.
    اصطحبني ظلِّي بصعودٍ مُتَدرِّج إلى السمواتِ العلا، إلى خارجِ الكوكب.!
    لم أشعرْ بأثَرٍ لتلكَ الجاذبيَّةِ الأرضيَّةِ على كِتلتَينا وكان انطلاقُنا سريعاً للدرجةِ التي اجتزنا بها ذلك الغلافَ السميكَ للكُرَةِ فِي ثَوَانٍ مَعْدُودَةٍ انْطِلَاقًا إلى الفضاء المظلم وهناك شاهدتها معلَّقةً بالفراغ دونَ خَيطٍ الآنَ أراها رؤيا العَينِ تَدُورُ حَول نفسِها فيسألُني ظلِّي :
    -أتعلمُ مدى سُرعتِها تلك؟
    وقبل أن أنطق َبكلمةٍ يَقُولُ :
    تَدُورُ حَوْلَ نفسها بسرعة ستةٍ
    وعشرين كيلو مترًا في الدقيقة!
    تَزْدَادُ رؤيتي فأبصرُ دورانَها حولَ الشَّمسِ وقبلَ أن أسألَهُ يَقُولُ أمّا تلك فهي ثلاثون كيلو مترًا في الثانية.
    -نعم نعم أراها تَدُورُ حولَها ولكنها تَسِيرُ معها في نفسِ الوقت!
    فيبادرُني سؤالُهُ :
    -هل تعلم إلى أين؟
    أَصَابَتْني تلك المشاهدُ بالذهول، لم أتفوَّهْ بكلمةٍ حينَها قَالَ :
  • إلى المجهول تَسِيرُ مع الشَّمْسِ بِسُرْعَةِ مِائَتَيْنِ وثَلَاثِينَ كيلو مترًا في الثانية!
    الآن أيقنتُ من صَنعَها وعَلَّقَها بهذا الفضاء وأَمسَكَ مياهَها وشجرَها وصخورَها وتلك الكائناتِ التي تحيا بها.
    ورغمَ الارتفاعِ الشاهقِ والظَّلام الدامسِ اتّسَعَتْ حدقتايَ أكثرَ، أبصرتُ
    زوجتي وبناتي يَتَّشِحنَ بالسَّوادِ، أمّا أولادي وإخواني فكانوا ينصبون العزاءَ، نَاشَدْتُ ظلِّي أن يعودَ بي ولكنّهُ تَرَكَ يدي وأَخَذَ يَنْسَلِخُ عني ويَبْتَعِدُ رُوَيْدًا رُوَيْدًا وهو يُرَدِّدُ :
    -هَذَا فِرَاقُ بَيْنَنَا.

التعليقات مغلقة.