يوميات صائم “نسكافيه ” محمود حمدون
يوميات صائم “نسكافيه ” محمود حمدون
لم يلتزم يومًا بموعد متفق عليه , لذا فقد تبلّدت مشاعري حينما تأخر بالأمس , فأنا أعرفه منذ زمن , أعرف كيف يعصف بالمواعيد و استمتاعه بتجاهل الوعود. تخيّرت مقهى بالناصية المقابلة , من تلك المقاهي الحديثة التي يُطلقون عليها ” الكوفي شوب “
جلست على مقعد وثير بجوار نافذة كبيرة تطل على الميدان الفسيح , تلفّني روائح جميلة وموسيقى حالمة ناعمة , وجوه مشرقة مفعمة بالأمل ,كأنيّ ولجت لعالم آخر غير ما أعيش فيه.
” النادل ” بوقار وأدب : صباح الخير .
صباح الخير .! ثم تذّكرت : فنجان قهوة لو سمحت , على الرائحة غامقة .
نسيت الصديق والموعد واسترخيت في المقعد الوثير , مستمتعًا بلحظة لا تأتي كثيرًا , ثم تسلّل لأنفي عطر آخّاذ, تصحبه ضحكة على استحياء فالتفتُ لأجدها تحمل بيديها كوب ” نسكافيه ” تتصاعد رائحته المميزة ..
جميلة .! تلك كلمة فقدت معناها من كثرة ترديدها , لكنها فاقت الجمال بمراحل لدرجة أعجزتني عن الوصف فجمُدت بموضعي والفنجان بيدي وعيني تتبع ضحكتها وتتلمس رائحتها .
يبدو أن تركيزي معها لفت نظرها فأدارت رأسها بإيماءة أقرب لتحيّة مع بسمة خفيفة علت شفتيها , فخجلت لطابع ريفي متأصل بداخلي , لم أعد أدري هل تبتسم بتلقائية كموقف عابر أم لشأن آخر لا أدريه !, غرقت في بئر عميق ممتلئ بالحيرة , حتى أخرجني صديقي السمج: أهلًا بالغالي معذرة. تأخرت عليك ؟.
قلت : بل أنت جئت مبكرا على غير عادتك .
التعليقات مغلقة.