مرآة المستقبل … عبد الصاحب إبراهيم أميري
قصة قصيرة” مرآة المستقبل “
عبد الصاحب إبراهيم أميري
،،،،،،،،
تمتاز قرية الوادي الصغير بجمال طبيعتها الخلابة والساحرة ومزارع الحمضيات إضافة إلى زهورها الحمراء العطرة، المنتشرة في كل شبر منها، حتى البعض يسميها القرية الحمراء او القرية العطرة، نسبة للزهور الحمراء العطرة، وما يميز هذه القرية عن سائر القرى، ان اهاليها مستبشربن ، الابتسامة لا تودع شفاهم، ولا يفكرون الا بيومهم، و حاصل بيع المحاصيل والزهور توزع على الاهالي بالتساوي، دون الأخذ باي اعتبار. و لا نلحظ في القرية معوزا او محتاجا و البيوت لا أبواب لها وان كان لها بابا، فهي مشرعة، لم تشهد القرية منذ اعوام مديدة اي خلاف او نزاع بين افرادها هذه المميزات كانت سببا ان يفكر أهالي القرى المجاورة بالهجرة لقرية الوادي، الإ ان حاكم القرية امر. باغلاق نوافذ القرية على الغرباء، إلا للباعة المتجولين، يسمح لهم بالإقامة لمدة محددة بالايام، ويستقرون في ديوان الحاكم ، فهو الحافظ الخير على حقوقها والرقيب على تصرف الغرباء
،،،،،،،،،،،. ،
اعتاد الحكيم صالح زيارة القرية، بدء كل فصل من فصول السنة ، لمعالجة الاهالي ورفع حاجاتهم الطبية وتامين الدواء لهم دون مقابل، كما كان يفعل ابيه من قبله، فبات اسمه مقرونا بالخير والبركة،
اعلن منادي الحاكم بشرى وصول الحكيم واستقراره في ديوان الحاكم
-الحكيم صالح وصل القرية
استبشر أهالي القرية، بزيارة الحكيم مرتدين أفخر ملابسهم ومحملين بالزهور العطرة و الهدايا ومنتجاتهَم ليقدموها هدية للحكيم،
لم يتمكن الحكيم هذا الفصل أن يأتي بمفرده لشيخوخته، وضعف قواه الجسدية،. فجاء بمعية مساعده الشاب والخلوق، صاحب الوجه المبتسم في اشد واصعب الظروف، وهذه الميزة تجعله ينفذ بسرعة بالقلوب ويتربع على عرشها،
ازدحم الديوان بالاهالي، بين مرحبين ومرضى، والحكيم يسعى جاهدا أن يرى الجميع، فقد اعتاد على وجوه اهل القرية واحبها ويشعر بداخله انها تمنحه حيوية ونشاطا وتعيد اليه قواه، وقسم الأعمال بينه وبين مساعده الشاب،. الذي بات مسؤولا عن تحضير الدواء، واستقر كل منهما بغرفة من غرف الديوان، ومن الملفت للنظر ان غرفة الشاب كانت تجلب انظار أهالي القرية لهندستها وترتيبها الذي اوجده الشاب، حيث أتى بمراة قديمه وزاهيه يقال انه استورثها عن اجداده وفيها مزايا عديدة، منها ان الناظر يرى نفسه أصغر عمرا وأكثر جمالا، لذا ان من يزور الشاب يبقى حائرا امام المرآة يستلذ بمشاهدة نفسه
سؤال طرأ على ذهن الشاب ان يسأل مراجعيه، فيسالهم عن المستقبل
-هل فكرت في المستقبل
كلمة او مصطلح المستقبل كانت غربية على أهالي القرية، فهم لم يسمعوا بهذه الكلمة من اي كان، وبقوا يتسالون
-ما معنى المستقبل
وانتهوا بعد جهد جهيد
-“اليوم الذي لم يأتي بعد
وهنا سؤال جديد لحق بهذا السؤال
-هل فكرت بمستقبلك
احتار الاهالي ولم يجدوا اي إجابة، لأنهم كانوا يعتقدون ان الأيام كلها على شاكلة واحدة، تدخل البيوت من مدخل واحد، وأن المستقبل لا يعني لهم شيئا
انطلق الشاب موضحا، نحن من نرسم المستقبل لأنفسنا
-المستقبل لوحة
-“المستقبل رؤيا، ان سعيت اليها تتحقق، الإ اذا وجدت نفسك امام مطبات الحياة المستحدثة، والوصول اليها، يجب أن تتحرى طرقا أخرى. المهم ان تصل لغايتك
سحر الاهالي كلام الشاب فبدوا يرددون كلامه أينما يذهبون
سأله أحدهم يوما
-” هل يمكننا أن نرى مستقبلنا
احتار الشاب للرد على السؤال
-قل لنا أن كنت تعلم
-بلا
-وكيف
نظر الشاب حوله فوقعت عينييه على المرآة
-” بهذه المرآة
انتشر الخبر في القرية وطرق الأبواب كلها،
،،،،،،،،،،،
صباح اليوم التالي شكل أهالي القرية طابورا لا نهاية له، ليروا مستقبلهم، واحتار الشاب فكان رده ايجابا
-ابنك يصبح معلما ان درس
-بيني وبينك ستكون حاكم القرية بعد سنوات
-متجرك يفتح لك افاقا
هذه الاجوبة وغيرها حفزت أهالي القرية على التنافس فيما بينهم بشتى أشكاله، واختلفوا،. وتشاجروا ، وكان لابد من قاض وسجن، هاجر بعضهم من أجل مستقبل افضل، فذبلت القرية واختفى بريقها، وذبلت ازهارها. و اهاليها يبحثون عن المستقبل
النهاية
عبد الصاحب إبراهيم أميري
،،،،،،،،،
التعليقات مغلقة.