منْ سيرقدُ على البيْض بقلم بدوي الدقادوسي
منْ سيرقدُ على البيْض بقلم بدوي الدقادوسي
تمُطُ رقبتها بزهو بعد أن فرغت من وضع بيضتها، توقف الطبيب البيطري عن متابعة الدواجن وقد أخذ الإعجاب بها بكل مشاعره، يقفز تساؤل غريب ليسيطر على لُبّه : لماذا لا تبيض النساء؟
ثلاث مرات تحمل زوجتي وفي شهرها الثالث يقع المحظور، البلاء لا يخلف وعيده .
البيْض عملية آمنة ، تنساب البيضة بسهولة ، ترقد عليها الدجاجة بحنان ، يسري دفؤها ؛ فيخرج الكتكوت مقبلا على الحياة .
بصمت قدمت له طعام العشاء ، يمد يدا شبه مشلولة ؛ وعين حبلى بدمعة :
لماذا لا تبيض النساء؟ انتزعت ابتسامة من براثن حزن مزمن ، قالت وهي تمصمص شفتين جافتين: هم يضحك وهم يبكي .
بلهجة لا يشوبها هزل : لن تحملي بعد اليوم ، نظرت ْ مشدوهة ، لا تتعجبي ! قمتُ بدراسة الأمر جيدا ، الطور ” الجريبي” هو الأول في دورة الحيض ، تنضج بويضة واحدة ، تفرز الغدة النخامية الهرمون المنشط للحويصلة التي تفرز هرمون “الأستورين” سأوقف إفراز هذا الهرمون بحقن الغدة الدرقية ، ستستمر الحويصلة في نشاطها مع قتل الحويصلات الأخرى ، يبدأ الهرمون المنشط للجسم الأصفر في إتمام نضج الحويصلة ، تنتفخ ، تنتفخ، تتضخم ، يعجز العنقود عن حملها فتسقط، أحقن الرحم بمادة مضادة لهرمون ” البروجستيون” حتى لا يستقبل البويضة المخصبة ، فلا تجد لها طريقا إلا خارجه.
انتقلت الجِديّة بالعدوى لقسمات وجهها تتسمع بدهشة الحائر ، لم يأبه لدهشتها ، عندئذٍ يا زوجتي الحبيبة سيطرد الرحم كل ما أفرزه من ” فلايكوجين ” ودهْن فأحيط به البويضة الضخمة ليتغذى بها كتكوتي الحبيب .
قذفها الرحم بضخامة بيضة نعامة ، رقدت الزوجة عليها بسعادة والحالم بالأبوة يتابع بزهو ، لا تقوم من فوق البيضة إلا لقضاء الحاجة ، ثقيل مر الأسبوع ، تسرب لنفسها الضجر ، شردت برعب : كيف سأرقد هكذا تسعة أشهر؟
ما إن دلف من الباب بعد سهرة أنس مع رفاقه حتى انفجرت في وجهه ، سنتناوب الرقاد على البيضة : أنت إسبوع وأنا إسبوع ، قال بسخرية : الديوك لا ترقد على البيض .
اندفعت نحوه تحاول الإمساك بتلابيبه ، دفعها لتعاود الرقاد ، حاولت التماسك ، استغل ترنحها ،عاود الدفع ، سقطت بثقلها، تهشمت البيضة ، سالت الدماء ، بدت العلقة قطعة دم مجمدة، صرخت لاطمة وجهها ، أفاق على الكارثة ، هرول صوب الباب ،يجري بالشارع يصيح كديك مذبوح.
التعليقات مغلقة.