الوحدة العضوية في سور القرآن الكريم بقلم فتحي محمد علي
الوحدة العضوية في سور القرآن الكريم بقلم فتحي محمد علي
هذا باب في إعجاز القرآن عظيم القدر لما يحققه للمتدبر من إعمال ذهن في هذه الروابط وتلك العلاقات بين آيات السورة الواحدة،بل بين سور القرآن؛السورة تلو الأخرى.
إن القرآن الكريم قائم على الوصل في مبناه ومعناه؛لذلك حين سئل رسول اللهصلى الله عليه وسلمعن افضل الأعمال؛قال:”الحال المرتحل”.
وهذا مدخل يدعو للتدبر؛فالمسلم الحق موصول بكتاب الله يدور معه قراءة وفكرا؛فهو اشبه بمسافر لايكاد يحل في مكان حتى يرتحل منه لغيره؛فلايكاد ينتهي من ختمة حتى يشرع في اخرى؛حتى لاينفرط عقد ينتظم آخره مع اوله؛وهكذا دواليك.
ولعل هذا ماحدا بالمعنيين بالتدبر في إعجاز القرآن إلى تلمس سر ذاكم الدر النظيم؛فجاء البحثفي هذا المضمارعلى مستويين:
تلمس”اسرارترتيب القرآن”.
تلمس”الوحدة العضوية في سور القرآن الكريم”؛وبيان أهداف كل سورة ومقاصدها.
ومن اشهر ماكتب حول”اسرار ترتيب سور القرآن”كتاب”اسرار ترتيب القرآن”للإمام”السيوطي”حيث راح يتلمس العلاقات بين كل سورة بسابقتها ولاحقتها؛انظر مثلا تعليله لسبب مجئ سورة”إبراهيم”بعد سورة”الرعد”ان المولىسبحانهلما ذكر لرسولهصلى الله عليه وسلمبسورة”الرعد”:
“ولقد استهزئ برسل من قبلك فامليت للذين كفروا ثم اخذتهم”؛فصل ذلك بسورة”إبراهيم”:”الم ياتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود”. ولقد افاض باحثون كثيرون في تناول قضية” الوحدة العضوية في سور القرآن الكريم”على المستويين النظري والتطبيقي.
فقد ألف”الفيروزابادي”
موسوعة قيمة حول هذه القضية”بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز”ركز فيها على اهداف كل سورة ومقاصدها وعمل على بيان الوحدة العضوية في كل سورة.
وممن عني بهذا الوجه من وجوه الإعجازفي العصر الحديثالعبقري المرحوم الدكتور”محمد عبد الله دراز”؛فقد جمع في كتابه الرائع”النبأ العظيم”بين النظرية والتطبيق،فبعد ان تناول القضية تناولا فريدا راح يطبق ذلك على سورة”البقرة”أكبرسور القرآن؛حيث اشار إلى انها تتوفر على مقدمة وأربعة مقاصد وخاتمة مبينا كيف ان كل آية تندرج عن سابقتها وتفضي إلى لاحقتها بطريقة اخاذة تبرهن على انه كتاب من حكيم خبير.
“افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا’.
التعليقات مغلقة.