في جهاد الصحابة الحلقة 278 أبي بن كعب الخزرجي”يتلونه حق تلاوته”-3
في جهاد الصحابة الحلقة 278 أبي بن كعب الخزرجي”يتلونه حق تلاوته”-3
بقلم مجدي سـالم
خامسا.. في إسلامه وجهاده رضي الله عنه..
- ذكرت التراجم أنه كان قبل الإسلام حبراً من أحبار اليهود.. ونشأ في المدينة ساخطاً على حياة قومه.. معترضاً على سلوكياتهم.. ولم تهدأ حيرته.. وفي إحدى الليالي خرج يطوف بديار المدينة.. فسمع حواراً في دار سعد بن الربيع عن الإسلام ونبيه – صلى الله عليه وسلم – وعلم أن مصعب بن عمير أتى سفيراً ليعلم الناس الإسلام.. فما أن سمع الحوار حتى طرق الباب على سعد – رضي الله عنه – وأعلن إسلامه.. ثم حظى بالسفر إلى مكة ليشهد بيعة العقبة.. وعندما هاجر الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة آخى – عليه الصلاة والسلام – بينه وبين سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.. ثم اشترك في بناء المسجد.. وشهد غزوة بدر فكان من أهلها.. ولم يتخلف عن غزوة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قط.. بل حضر المشاهد كلها..
سادسا.. أبي بن كعب وفقه السنة..
- كان أُبي بن كعب سيد القراء.. وأحد الذين أوصى الرسول – صلى الله عليه وسلم- بأخذ القرآن عنهم.. وهو أول من كتب الوحي بين يدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في المدينة.. وجمع القرآن على عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم.. وكان رأساً في العلم والعمل ومن فقهاء الصحابة وأكثرهم تفسيراً لكتاب الله تعالى..
- كان يبكي إذا ذكر الله.. ويهتز كيانه حين يرتل آيات القرآن أو يسمعها.. وكان إذا تلا أو سمع قوله تعالى..” قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون”.. (الأنعام-65).. يغشاه الهم والأسى..
- عن عبـد الله بن أبي نُصير قال: عُدْنا أبي بن كعـب في مرضه.. فسمع المنادي بالأذان فقال: (الإقامة هذه أو الأذان؟)… قلنا: (الإقامـة)… فقال: (ما تنتظرون؟ ألا تنهضون إلى الصلاة؟)… فقلنا: (ما بنا إلا مكانك)… قال: (فلا تفعلوا قوموا.. إن رسول الله صلى بنا صلاة الفجر.. فلمّا سلّم أقبل على القوم بوجهه فقال: (أشاهدٌ فلان؟ أشاهدٌ فلان؟). حتى دعا بثلاثة كلهم في منازلهم لم يحضروا الصلاة فقال: إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر والعشاء.. ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْواً.. واعلم أنّ صلاتك مع رجلٍ أفضل من صلاتك وحدك.. وإن صلاتك مع رجلين أفضل من صلاتك مع رجل.. وما أكثرتم فهو أحب إلى الله.. وإن الصفّ المقدم على مثل صف الملائكة.. ولو يعلمون فضيلته لابتدروه.. ألا وإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الرجل وحدَه أربعاً وعشرين أو خمساً وعشرين..
- روى أبي بن كعب أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في الوتر قال: “سبحان الملك القدوس” – ومن أقواله رضي الله عنه.. (تعلموا العربية كما تعلّمون حفظ القرآن) – وقوله.. (الصلاة الوسطى صلاة العصر).. وقوله أيضًا: (ما ترك عبد شيئًا لا يتركه إلا لله إلا آتاه الله ما هو خير منه من حيث لا يحتسب.. ولا تهاون به فأخذه من حيث لا ينبغي له إلا أتاه الله بما هو أشد عليه)
- روى البخاري بسنده عن سويد بن غفلة قال: لقيت أبي بن كعب فقال: أخذت صرةً مائةَ دينار.. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “عرِّفْها حولاً”. فعرفتها حولاً فلم أجد من يعرفها ثم أتيته.. فقال: “عرِّفْها حولاً”. فعرفتها فلم أجد ثم أتيته ثلاثًا.. فقال: “احفظ وعاءها وعددها ووكاءها.. فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها”. فاستمتعت فلقيته بعدُ بمكة.. فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولاً واحدًا..
سابعا.. في وفاة أبي بن كعب..
- وكان الرسول صلوات ربي وسلامه عليه قد قال..” ما مِنْ شيءٍ يصيب المؤمن في جسده إلا كفَّر الله عنه به من الذنوب”.. فقال أبي بن كعب: (اللهم إنّي أسألك أن لا تزال الحُمّى مُضارِعةً لجسدِ أبيٌ بن كعب حتى يلقاك) .. لا يمنعه من صيام ولا صلاة ولا حجّ ولا عُمرة ولا جهاد في سبيلك.. فارتكبته الحمى فلما تفارقه حتى مات..
- وكان حتى ذلك الوقت يشهد دوما الصلوات ويصوم ويحج ويعتمر ويغزو.. وتوفي أبي بن كعب في عهد الخليفة عثمان بن عثمان.. ولكن حتى الآن لم تعرف السنة بعد.. فالبعض يقول توفي في سنة 19هـ.. فيما البعض الآخر يقول في 20هـ.. وقيل توفي سنة 30 هـ ..
- يقول عُتيّ السعديّ: قدمت المدينة في يوم ريحٍ وغُبْـرةٍ.. وإذا الناس يموج بعضهم في بعـض. فقلت: (ما لي أرى الناس يموج بعضهم في بعض؟)… فقالوا: (أما أنت من أهل هذا البلد؟)… قلت: (لا)… قالوا: (مات اليوم سيد المسلمين.. أبيّ بن كعب) .. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.