النيل وأنا قصة قصيرة منصور عبدالمقصود
النيل وأنا قصة قصيرة منصور عبدالمقصود
ركب الباص الصغير .. وحمل معه هديته لطفله .. التي ظل يطالبه بها والذي وعده بان يحضرها له . اخيرا استطعت ان اشتري له الدراجة . نعم سوف اعجز هذا الشهر عن تلبية كل احيتياجات اسرتي لكن الاهم ان ابني سيكون سعيدا بهديته .. وجودنا في الحياة ليس له طعم ولا معنى الا برسم السعادة على وجوه الابناء . هذا ما غرسه ابي في وهذا ما عشت طيلة حياتي مؤمنا به .. يا الهي ما لهذا السائق .. يسير وكأنه لا يسير ، اريد ان اصل سريعا .. اه لو علمت بمدى لهفتي للقاء اسرتي بعد غياب عام في مدينة بعيدة من اجل توفير الطعام والهدايا لهم لكنت التهمت الطريق بكل شراسة .. لا ادري من سيفتح الباب لي اولا ابني ام زوجتي ؟ تمنيت ان يفتحه ابني لارى ابتسامة قلبه مرسومة على وجهه حينما يشاهد هديته … وتمنيت ان تفتح زوجتي ايضا حتى نوهم طفلنا بانني لم احضر شيء حتى اذا اخرجت له هديته سأرى سعادته وقفذته من على الارض فرحا بهديته .. يتشجع قلبه فيكلم السائق .. الا تستطيع ان تسرع اكثر من ذلك فانا على موعد واخشى الا الحق به .. ينظر اليه السائق نظرة قاسية .. علام الاستعجال ادعو الله لنا ان نصل بخير .. الا تعلم ما ينتظرك هناك ؟ ينظر باقي الركاب له نظرة استغراب وكأنه غريب عن المدينة .. يجيب وماذا هناك … الم تعلم ان النيل قد غضب وانه اغرق المدينة ولم يستطع احد ان يدخل اليها او ان يخرج منها .. الم تسمع عن عدد المفقودين .. الم تسمع عن عدد البيوت التي انهارت فوق رؤوس اصحابها ..
ينقبض قلبه ويسأل ..متى كان ذلك ؟
يخبره السائق منذ ساعتين .
لم تستغرق غضبة النيل مع سقوط الامطار وقت طويلا ساعة واحدة كانت كفيلة بخلق الكارثة .
تحول فكره الى بيته وعائلته ماذا حدث لهم ؟؟
لم يطل تفكيره بعد ان وقف الباص ليهبط منه الجميع بعيدا عن مكان الوقوف الرسمي … نزل من الباص ليتمنى ان لم يرى ما رأى .. الماء يغطي كل شيء البيوت غرقت في الماء الى نصفها والى اكثر من النصف احيانا ، تلك كانت البيوت الاسمنتية لكن اغلب بيوت قريتي القابعة جنوب المحافظة بيوتها من طين وهي لا تستطيع مقاومة الكارثة .. اين بيتي ؟ .. اين ولدي ؟ .. اين زوجتي ..
اقسم ايها النيل اني قاتلك .
هاجس .. ولكنك تعلم انك من دوني ما كنت عشت ولا تزوجت ولا أنجبت ولا بنيت .
يقفز في النيل يصارع أمواجه لعله يقضي عليه قليلا قليلا تهدأ الأمواج
منصور عبد المقصود
التعليقات مغلقة.