حاجز الوداع…بقلم ضى الجلادى
الموت
كلمة ما إن يلفظها فاه تقشعر لوقعها الأبدان
برد ظلام ووحدة هذا كل ما يتشدق به من لم يقرع بابه سيد الهلاك
إلا أن من ذاق ألم الفراق يعي ما يقول ، فشتان بين من صُهر جلده بوشم الضياع وبين من ترآى سلطانه المهيب
نكهاته عدة آلت أروقاتها للصياح والنحيب
فمنه اللاذع الشائك نستشعره عند موت الصديق ، يَطوي الآمال ويُفرج عن ذكريات اندثرت وسط تراتيل الزمان لتحيك أحزاناً ضاق لها صدر بني البشر ، يتفجر ديناميت الأهوال ، يُصعق ببرق الزوال ، يُجلد بريعان أوقات سَمر وأُنس ضاعت ولا سبيل لإحيائها في الوجود ، يُصارع القدر ، يقف مراراً ليجابهه طيف روح عشق دهائها يوماً فينكب مذلولاً مدحوراً لا حول له بدون فلذة قلبه ولا قوة ، فيحيا خائباً بشق الأنفس وقد حمل داخل صدره شطرين تناثرت أجزاؤهما لتحول دونما الرجوع
وآخر بطعم علقم مرير يذوقه المرء وقت وفاة الأقرباء ليُلدغ بسم أفعى زامنت عصر الأوبئة والإعياء خاصة وإن كان أحد الذين نبض القلب باشتياقه ولوعة انتظاره أبد الدهر دونما يأس من لقاء محتوم
أما أقواهم فهو مذاق حارق حِمَمِيٌ يتغلغل داخل أوصال الآدمي فيعذبه ويكوي قلبه حياً ، ويتولد إثر موت الوالدين ، وياله من شعور ذلك الذي يعتصر الأنفاس والعقول ، إن قُطِّعت حياً فلا مناص من الإذعان بهوان الأمر إيزاء أُفول شمس يوم جديد ، تقوم قيامة الإنسان ليتوحد مع الظلام والبؤس المقيت ، يتحسر ويتلوى ، فلماذا اختير أحبته قبلاً ، ولكن ما من جواب يشفي سقم الأنفس والوجدان
كارثة صعبة…قاسية….مؤلمة……
هذا ما جبل عليه الخلق ، لوعته في فراقه ، ألمه في وحدته ، وقسوته شتان بينها وبين مآزق الحياة ومصائبها
لا تتلفظ بما تجهل يا إنسان ، فقد يتفوه لسانك بما لا تعي ويكون عند من تشتت أدغاله أمراً عظيماً
لم تعهد نفوس الأرض يوماً أبشع من ترويع قاهر تقاطر بضياع قلب كان عندك في الحياة كل شيء
التعليقات مغلقة.