قراءة في قصيدة ” ابتهالات” للشاعرة د.وجيهة السطل … د. فطنة بن ضالي
قراءة في قصيدة ” ابتهالات” للشاعرة د.وجيهة السطل …
د. فطنة بن ضالي
أسعدتني د. فطنة بن فضالي، الناقدة المغربية.بنقدها الموضوعي المتميز لقصيدتي ابتهالات
وكان النقد ثريًّا،أضاء القصيدة ،وجلّى أنوارها.
وهذا هو..
تحيتي وشكري وتقديري.
*
قراءة في قصيدة ” ابتهالات”
للشاعرة د.وجيهة السطل
د. فطنة بن ضالي / المغرب
———————-‐–‐
رباعيات خمس للشاعرة د.وجيهة السطل، هي حالة عبرت فيها الشاعرة عن حيرتها النفسية والعقلية ، وتحرُّق القلب شوقًا وحبًّا إلى السنا العالي. مناجاة بالقلب والروح وسفر في اللغة تروم الشاعرة فيه تجسيد قدرة الله تعالى وعظمته بالآيات الباهرة في الخلق والكون والأفلاك، ومذكرة كيف أسبغ نعمه على الخلق المستوجبة للشكر، ممجدة مثنية مقدسة آيبة منكسرة لجلاله تعالى حتى بكت عينها في لسان الحال ، طالبة الوصل والوصول إلى رضا الرحمان الرحيم.
متوسلة بصور مجلية لما بقلبها بالنداء (رباه – يا من على العرش استوى – يا من تقدس) في توجهها إلى المولى
- عز و جل- واقترابها منه، مستعملة ” يا ” الدالة على البعيد القريب حقيقة أو حكمًا مستغيثة بالله، لائذة ببابه شوقًا وتحرُّقًا وحيرة .و الجمل الخبرية الدالة على الماضي (دقّ القلب شوقا- خشعت – ناديت – رجعت – سالت دموعي ، فدعوتك) التي يستفاد منها ثبوت الأوبة وصدق الابتهال والتوسل إلى رحمة الله والتأكيد على عظمته؛ كما تؤكد على أوبتها بضمير المتكلم (إني – أنا – هبني)، مما يدل على أنها مهتمة ومغتمة بوزرها، متسائلة (ما السبيل إلى ما أريد ؟- ما ترى سيكون ردك؟) ، لكنها أحسنت الظن بالله وبرحمته الواسعة ( إني قد أتيت إليك – أنت الله جلت رحمتك – ولم أجد ركنا سواك – فلم أر في الورى إلا حماك ). وقد صرحت الشاعرة في أسلوبها كثيرًا ورفعت النقاب عن مقصدها في ابتهالاتها، إلا ما جاء عفوًا من الأساليب البيانية ، مثل الاستعارة في قولها:سالت دموعي، حيث استعارت السيلان لذرف الدمع ، بجامع التتابع على سبيل الاستعارة التصريحية . والطباق والتقابل في قولها (غلة / وردك ، سالت دموعي / لم ترق). وعلى الرغم من ذلك ففي الأبيات إيقاع داخلي قوي ناتج عن التوازي في التركيب وهو كثير فيها مثل (تحرقت روحي – تحركت قدماي – تحيرت نفسي )،(يا واهب الروح – يا مالك الدنيا )، إضافة إلى الإيقاع الخارجي المستمد من مجزوء الكامل وتنويعاته . إنها حالة وجدانية على مستوى الإبداع، وتجربة صوفية تعيشها الشاعرة ، ذلك أن الحال عند الصوفية – أهل الحق -” معنى يرد على القلب في غير تصنع ولا اجتلاب (…) ويزول بظهور صفات النفس سواء يعقبه المثل أو لا ، فإذا صار ملكًا يسمى مقامًا . فالأحوال مواهب، والمقامات مكاسب. والأحوال تأتي من عين الجود، والمقامات تحصل ببذل المجهود.”( كما قال صاحب اللمع ، التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق زكي مبارك)، وعلى هذا تكون الشاعرة هنا في حال مجاهدة النفس وإخراجها من حيرتها في مقام التوبة ( أتيت إليك – تحركت قدماي نحو الباب – لائذ بالباب – رجعت إليك) وهذا المقام هو ندم بالقلب، واستغفار باللسان ، ومن خصاله، التوبة إلى الله تعالى ، ورجاء المغفرة والرحمة ، هكذا جاهدت الشاعرة النفس واللغة للتعبير عن أحوال صوفية في تجربة شعرية تتوق فيها إلى مقام الرضا مرورا بالشوق والمحبة والرجاء، الذي يسمى “باب الله الأعظم “.
هنيئا لشاعرتنا الدكتورة وجيهة السطل بوجد انثال صدقًا، وارتقى مقامًا في الحضرة العلية.
مراكش في 12-12-2020
التعليقات مغلقة.