في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 385 .. عمير بْن عدي الخطمي .. هل قتل عصماء -2 بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 385 .. عمير بْن عدي الخطمي .. هل قتل عصماء -2
بقلم / مجدي سـالم
سادسا.. في تحقيق الحديث.. منقول بتصرف للفائدة..
قدمنا فيما سبق ما روي عن حديث قتل اليهودية عصماء بنت مروان على يد عمير بن عدي.. وسنتوقف مع تحقيق الروايات وما قاله الباحثون في تحقيق الحديث.. يقول السائل.. قد سمعت من معاديين للإسلام كلاما عن أنها قتلت بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم وبطريقة وحشية وهذا يدل حسب نظرتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلا دمويًا ؟ فما هذه القصة ؟ وكيف نرد على من أثارها؟ وكان الجواب كما يلي..
أولا :أخبر الله تعالى في كتابه المجيد أنه إنما أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للناس كلهم فقال سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء/ 107 .. ” فمن قبل هذه الرحمة وشكر هذه النعمة سعد في الدنيا والآخرة .. ومن ردها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (5 /385(
- وروى الحاكم في “المستدرك” (100) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة “.. صححه الألباني في “صحيح الجامع” (2345).. وهو صلى الله عليه وسلم الذي عفا عن قريش كلها .. وقد خذلوه وعادوه وأخرجوه وحاربوه وألبوا عليه العرب .. فلما فتح مكة عفا عنهم ولم يؤاخذهم بسوء صنيعهم ولا انتقم منهم .. وهو الذي عفا عن اليهودية التي دست له السم في الشاة .. فروى البخاري (2617) ومسلم (5834) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ : أَلَا نَقْتُلُهَا ؟ قَالَ لَا) - وقالت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ( وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلَّهِ ) رواه البخاري (6126) ومسلم (2327).. وروى البخاري (4838) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) الأحزاب / 45 .. قَالَ : فِي التَّوْرَاةِ : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ .. أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ بِالْأَسْوَاقِ .. وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ .. وأخباره صلى الله عليه وسلم في الصبر على الأذى والعفو والصفح وعدم المؤاخذة ومقابلة السيئة بالحسنة لا تحصى .. وإنما يريد هؤلاء النيل منه صلى الله عليه وسلم زيادة في الكفر وحسدا من عند أنفسهم .. وبغضا ومقتا .. وإرادة لما يهوونه ويشتهونه من إطفاء نور الله .. والله متم نوره ولو كره الكافرون ..
- وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن قتل النساء ؛ فروى أبو داود (2669) عَنْ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ قَالَ.. كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ : انْظُرْ عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ فَجَاءَ فَقَالَ : عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ فَقَالَ : مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ .. قَالَ : وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ .. فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ : ( قُلْ لِخَالِدٍ لَا يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا عَسِيفًا ) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
ثانيا :أما خبر مقتل عصماء بنت مروان الذي يروج له هؤلاء الأفاكون فهو خبر موضوع.. رواه القضاعي في “مسند الشهاب” (856) والخطيب في “التاريخ” (13/99) وابن عساكر في “تاريخه” (51/224) وابن عمر الحربي في “فوائده” (50) كلهم من طريق (محمد بن الحجاج اللَّخمي) أبو إبراهيم الواسطي عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ (تقدمت الرواية) وهذا إسناد باطل .. وخبر موضوع ؛ راويه محمد بن الحجاج قال البخاري : منكر الحديث.. وقال ابن معين : كذاب خبيث .. وقال الدارقطني : كذاب .. وقال – مرة : ليس بثقة “ميزان الاعتدال” (3 /509(.. قال ابن عدى : ” محمد بن الحجاج وضع حديث المرأة التي كانت تهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فلما قتلت قال : لا تنتطح فيها عنزان ” .انتهى من “الموضوعات” لابن الجوزي (3 /18)..
ثالثا.. والحديث ذكره الشيخ الألباني رحمه الله في “الضعيفة” (6013) وقال ” موضوع ” .والإسناد تالف.. فالواقدي – وهو محمد بن عمر بن واقد: قال فيه الإمام أحمد : هو كذاب .. يقلب الأحاديث .. وقال ابن معين: ليس بثقة .. وقال – مرة : لا يكتب حديثه .. وقال البخاري وأبو حاتم: متروك .. وقال أبو حاتم أيضا والنسائي: يضع الحديث .. وقال ابن عدى: أحاديثه غير محفوظة والبلاء منه .. وقال ابن المديني : الواقدي يضع الحديث .. وقال النسائي : الكذابون المعروفون بوضع الحديث أربعة : إبراهيم بن أبي يحيى بالمدينة والواقدي ببغداد ومقاتل بخراسان ومحمد بن سعيد بالشام ” .انتهى من “تهذيب التهذيب” .. والله أعلم..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
الصورة.. للرائع الأمريكي عمر أبركرومبي.. الجمعية الجغرافية
التعليقات مغلقة.