خربشات على جدار الذاكرة بقلم فوزي صالح
بين قامات النخيل على الرواحل، وسط السكون المعبق بالنَدَى
مع ضوء الصبح البكر الذي خالطته بقيةٌ من ضَباب ، بين الشعاب ، وحياة الكد والجد الصِّعاب ، عم ( غَمري) عبأ( قُفَّتَيهِ) من ذاك البلح المُشَمَّسِ والمُكرمِش، وخلفه عم ( بَكري) وقد تدثر في عباءته الرَّثَّة حالكة السواد ، يقصدان
العزب والكفور والنجوع، وصوت نَدِيٌ يتردد في الحواري والأزقة، ( عَمري يابلح) .
لم تكن العُمُلات النقدية وسيلةَ البيع والابتياع، إنما كانت المقايضة بحفنة الأرز الشعير ،أو عرانيس الذرة البلدية ، أو صاع من بُرِّ ، يدفع الضر عن بطون جائعة ، وأفواهٍ مُلتاعة ،
على هذه السيمفونية الرتيبة المتكررة( عااااامري يابلح)
نفتح عيوننا صغاراً ، ونطلب من أمنا الحنون الرؤوم أن تبتاع
لنا ( البلح المجفف) ،
تعمد أمي إلى وعاء من ( صفيح ) نُسمّيه ( الكُوز ) ، وقد عبأته من أرز شعير .
مقايضة تجلب فرحة لقلوب الصغار،
وكأنني غفوت زمنا، ثم أفقت على نصف قرن قفز بي دفعة واحدة ، من زمن البساطة والبراءة، وبيوت الطين الحاني ،
وغداء السريس والجبنة والقشطة والأرغفة البلدية المُلدَّنة
إلى برودة السيراميك والرخام، وزوجة تتابع برامج الطهي في التلفاذ ، وأبناء وحفدة يتلاعبون بآلات إلكترونية مزعجة،
ويرتدون الجينز والكوتشي..ووو …
ياجنتي وخيالاتي وأفراحي … رُدِّي إليَّ ترانيمي وأقداحي .
فأنا المُنبَتُّ عن شرقيتي الوديعة إلى تغريبة أولادي المُريعة .
لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
فوزي صالح ٧ / ٢ / ٢٠٢١م
التعليقات مغلقة.