العقائد الدينية فى عصور ماقبل التاريخ بقلم / منى الشوربجى
العقائد الدينية فى عصور ماقبل التاريخ
بقلم / منى الشوربجى
(سلسلة مقالات تحكى تاريخ الديانة المصرية القديمة بدء من عصر ماقبل التاريخ مرورا بالعصور الفرعونية وتأثير الحضارات القديمة عليها) .
الوثائق التى تمدنا بالأدلة المتعلقة بالعقائد الدينية فى العصر “النيوليثى ” أو الثورة الزراعية فى مصر تأتى من المقابر التى استخدمتها الجماعات البشرية التى عاشت الحضارات الثلاث “دير تاسا والبدارى ونقادة ” ، فالاوانى التى تحتوى على الطعام والشراب فضلا على الادوات والاسلحة والحلى البدائية التى كانت توجد مع الموتى فى مقابرهم ووجودها المكثف هى كلها تقدم دليلا واضحا على الاعتقاد بضرورتها للموتى ، وذلك يدل أن اعتقادا
باستمرار الحياة بعد الموت قد هيمن على هذه الثقافات ، وأن إنسان هذه الأطوار تصور أن له حياة مثل حياته الأولى على الأرض وإن لم تكن هناك بعد أية مجهودات للحفاظ على أجساد الموتى ، وتركت هذه المهمة تلقائيا للجفاف الطبيعى الذى توفره رمال الصحراء والمناخ المصرى .
وفى حضارة ” البدارى ” كانت أجساد الموتى تلف أو توضع فى الجلود الحيوانية والتى كانت على الأرجح بمثابة ملابس الصيادين فى هذه الآونة ، وعليه فإن هذه الملابس عينها كانت تعد أيضا ضرورية للمقبورين . ولحفظ هذه الأجساد من الحيوانات المتوحشة ، كانت توضع قرب نهايات عصور ماقبل التاريخ فى المقبرة تحت الحصيرة أو الأوانى الضخمة وفى صناديق خشبية أو توابيت .
ولم يكن الموتى يوسدون فى مدفن عام فى حضارة “مرمدة بنى سلامة “_ التى تعتبر مستوطنة متعاصرة مع طور حضارة “دير تاسا ” _ ولكن داخل نطاق القرية البدائية ، وأحيانا تحت أرضيات مساكنهم بالفعل قرب أماكن إشعال النار ، الأمر الذى يحمل على الاعتقاد بأن المقصود من ذلك بث الدفء فى أوصال الموتى ، بل ربما كان ينظر إليهم على أنهم يشكلون جزءا من الجماعة ويشاركونها حياتها . أما فى ” البدارى ” فلم تكن المقابر المبكرة تبعد عن القرية ، ولكن بعد ذلك وسد الموتى فى جماعات وفى مدافن منفصلة بل وبعيدة أحيانا بشكل ملحوظ عنها ، وقد يعطينا ذلك شعورا بأن الحياة الأخرى للموتى لم تعد لها تلك الصلة الوثيقة التى كانت من قبل مع عالم الأحياء فى ” مرمدة بنى سلامة “.
- المراجع :
- سلسلة الثقافة الاثرية والتاريخية ..الديانة المصرية القديمة تأليف : ياروسلاف تشرنى ترجمة د.أحمد قدرى
التعليقات مغلقة.