في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 446 .. خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي.. سيف الله -12 بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة/ 446 .. خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي.. سيف الله -12
بقلم / مجدي سـالم
خالد بن الوليد وحروب الردة..
لابد أن ندرك أن خالد بن الوليد قد لعب دورا عسكريا محوريا في حروب الردة وفي الفتوحات الإسلامية في بدء تكوين الدولة.. وكانت البداية.. أنه ما علمت الجزيرة العربية بوفاة الرسول حتى ارتدت..
ووصل الأمر مع البعض أن ادعى النبوة.. أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشركه معه..
لم يبقَ على الإسلام إلا المدينة المنورة ومكة والطائف وقرية جُواثَى بالبحرين..
ولكنَّ الله مَنَّ على هذه الأمة بالصِّدِّيق أبي بكر .. الذي استطاع أن يقمع فتنة المشركين والمرتدين..
كان ارتداد الجزيرة العربية على درجات؛ فمن العرب من منع الزكاة.. ومن العرب من ترك الإسلام وعاد إلى عبادة الأصنام.. ومن العرب من سارع بادِّعاء النبوة.. ومن أشهر هؤلاء مسيلمة الحنفي الكذَّاب.. والأسود العنسي.. وطليحة بن خويلد.. وسَجَاح..
وأسباب حدوث الرِّدَّة تتمثل في جهل العرب بحقيقة الرسول وحقيقة الرسالة؛ إذ دخل أعداد كبيرة من العرب في العامين الأخيرين من حياة الرسول انبهارًا بسيطرة المسلمين على الجزيرة العربية.. فمنهم من جاء رغبًا في المال والغنائم.. ومنهم من جاء رهبًا من قوة المسلمين.. ومنهم من جاء لا رغبًا ولا رهبًا.. ولكن اتباعًا لزعمائهم وقادتهم. ومن ثَمَّ كانت القبليَّة هي القناع الذي وقف وراءه أعداء الإسلام في ذلك الوقت لحرب الإسلام.. واعتقد الجميع أن الدولة الإسلامية انهارت بموت من أسَّسَها..
لم تكن المشكلة فقط في عوامِّ الأعراب.. ولكن كانت أيضًا في زعمائهم؛ فالقبائل العربية ما تعودَّتْ مطلقًا على القيادة الجماعية.. بل كان كل زعيم قبيلة زعيمًا في مكانه وقبيلته.. يأمر فيُطَاع.. ويُشير فلا رادَّ لكلمته.. وفجأة ضاعت زعاماتهم.. وذابت في الدولة الإسلامية.. ولم يقبل غالبهم بذلك.. فلما مات رسول بحث كل منهم عن زعامته المفقودة.. وباعت الأعراب كل شيء في سبيل القبيلة.
ومع ذلك فالصورة النهائية للوضع.. هي حرب بين الحق والباطل.. هي السُّنَّة الكونية الطبيعية جدًّا..
لقد كانت القبليَّة هي القناع الذي وقف وراءه أعداء الإسلام في ذلك الوقت لحرب الإسلام.. أمَّا الهدف العميق الأصيل.. فهو حرب الإسلام ذاته. ودليل ذلك أن المرتدِّين قتلوا المسلمين في قبائلهم نفسها.. فانقلب مسيلمة الكذاب الحنفي على المسلمين من بني حنفية فقتلهم.. وكذلك فعل طلحة.. وفعل غيرهم..
ومع هذه الأحوال العاصفة أصرَّ أبو بكر الصِّدِّيق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على إنفاذ جيش أسامة بن زيد لقتال الروم؛ وذلك لوصية الرسول قبل وفاته..
وبالفعل خرج جيش أسامة إلى أطراف الشام.. وقد فرَّت منه الجيوش الرومانية في هذه المنطقة.. فوجد بعض القبائل في هذه المنطقة ارتدت فقاتلهم.. وشتَّت شملهم وهزمهم.. وعاد بسرعة إلى أبي بكر الصِّدِّيق في المدينة.. ومعه الغنائم من هذه الموقعة..
وخروج الجيش إلى شمال الجزيرة أحدث بكل القبائل العربية الموجودة في هذه المنطقة رهبةً من المسلمين؛ مما جعلهم يظنُّون أن للمسلمين قوةً في المدينة..
وكانت معركة بزاخة.. معركة بزاخة.. وبزاخة هي ماء لطيئ بأرض نجد.. كانت فيها موقعة عظيمة أيام أبو بكر الصديق حيث انتصر خالد بن الوليد في حروب الردة على طليحة بن خويلد الأَسدي.. الذي كان قد ادعى النبوة.. وأمر طليحة هذا عجيب.. تنبأ في قومه بني أسد وتبعه بعض طيء وغطفان في أرض نجد.. إلا أنه هزم مع أتباعه على يد خالد بن الوليد في معركة بزاخة.. وعاد فدخل الإسلام على إثر ذلك.. ولقد شارك طليحة في الفتوحات الإسلامية واستشهد في معركة نهاوند سنة 21 هـ..
كان طليحة ممن شهد غزوة الخندق في صفوف المشركين. أسلم سنة تسع.. ثم ارتد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وتنبأ بنجد.. وحارب المسلمين ثم انهزم على يد جيش خالد بن الوليد.. وتفرق جنده فهرب ولحق بالغساسنة بالشام.. وعاد ليقاتل في معركة نهاوند قتال الأبطال حتى نال الشهادة عام 21 هـ..
في بزاخة يعبئ خالد جيشه..ويلتقى مع طليحة الأسدي.. ووقفت أحياء كثيرة من الأعراب ينظرون على من تكون الدائرة.. وجاء طليحة فيمن معه من قومه.. ومن التف معهم وانضاف إليهم.. وقد حضر معه عيينة بن حصن.. في سبعمائة من قومه بني فزارة.. واصطف الناس.. وجلس طليحة ملتفاً في كساء له يتنبأ لهم.. وجعل عيينة يقاتل.. حتى إذا ضجر من القتال جاء إلى طليحة وهو ملتف في كسائه وقال له: أجاءك جبريل؟ فيقول: لا.. فيرجع فيقاتل.. ثم يرجع فيقول له مثل ذلك.. ويرد عليه مثل ذلك.. فلما كان في الثالثة قال له: هل جاءك جبريل؟ قال: نعم.. قال: فما قال لك؟ قال: قال لي: إن لك رحا كرحاه.. وحديثاً لا تنساه.. فقال عيينة: أظن أن قد علم الله سيكون لك حديثاً لا تنساه.. ثم قال: يابني فزارة انصرفوا.. وانهزم.. وانهزم الناس عن طليحة.. فلما جاءه خالد بن الوليد والمسلمون.. ركب على فرس كان قد أعدها له.. وأركب امرأته النّوار على بعير له.. ثم فر بها إلى الشام وتفرق جمعه.. وقد قتل الله طائفة ممن كانوا معه..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.