سينما الرعب…بقلم أبو مازن عبد الكافي
في مقعد من مقاعد الترسو جلس يشاهد العرض الذي بدأ بفيلم رعب كان قد شاهده من نصفه الأخير وهو طفل صغير في العاشرة من عمره كان قد أخذه معه ابن عمه وكان عمره وقتها عشرين عاما وتلك السينما لا تعرض إلا أفلام الرعب والتي تكون للكبار فقط لكنهم لم يعترضوا على دخول الصغار ويريدون التربح بالمال فقط. ترك هذا الفيلم عند هيثم ذكرى سيئة فكان يقوم مفزوعا من نومه دائما بسبب مشاهد هذا الفيلم المرعبة ؛ كبر الآن وعندما رأي أن الفيلم يعاد عرضه في السينما قرر أن يدخل هذا العرض غدا في حفلة المساء ؛
وها هو الآن يشاهد الفيلم الذي أرعبه منذ صغره ولم يكن يشاهد نصفه الأول.. يحمل على كتفيه حقيبة متوسطة الحجم.. مندمج هو ومنصت كحال باقي المشاهدين من حوله والذي كان عددهم كبير جدا في الصالة والبلكون وكذلك في الترسو الذي كان يسع العدد الأكبر لرخص ثمنه.
مرت المشاهد التي لم يرها هيثم في طفولته وهو منصت ومندمج حتى جاء المشهد الذي بدأ مشاهدة الفيلم من عنده وهو صغير فانتبه وأخذته قشعريرة في جسده فقام مسرعا ومشي .
الرجل الغوريلا يهاجم كوخا لرجل مسكين في الغابة يعيش على صيد الأسماك من النهر المجاور ليطعم زوجته وأولاده الصغار؛ حمل الرجل حربة واخذ يضرب بها الوحش ؛ وصغاره خلفه هم وأمهم يصرخون ويبكون ولا يستطيعون فعل شيئ ولم يستطع الصياد قتله بالحرية لكنه استطاع إبعاده عن الكوخ.
قالت الزوجة لزوجها لابد أن نترك هذا المكان.. لن يتركنا هذا الوحش في حالنا لقد عرف طريقنا؛ أخاف على صغاري منه.. قال لها الصياد معك حق.. غدا إن شاء الله بعد رجوعي من الصيد سنرحل من هنا واكون قد دبرت مكانا نرحل إليه؛
ذهب مبكرا يصطاد وبعد خروجه ؛ عمد الوحش إلى الكوخ ليفترس الزوجة والأطفال ؛ أحست الزوجة بخطوات نحو الكوخ وكانت غير عادية فارتعبت ونظرت من ثقب في الباب فرأته متجها نحوهم.. فأيقظت صغارها وفتحت الباب وقالت لهم سنجري بسرعة نحو النهر لنلحق بأبيكم؛ وخرجوا وانطلقوا جريا بسرعة لمحهم الوحش فجري وراءهم وهم يصرخون أغيثونا النجدة النجدة فما وجدت المرأة بدا الا أن قالت لطفليها لا تتوقفا عن الجري حتى تصلا للنهر وأنا سأعطله عنكما و أقاومه.. وأمسكت بحجر ورمته به فلم يؤثر فيه وأخذت تضربه وهو ينهش منها حتى خارت قواها وانهارت أمامه فقتلها بطريقة مؤلمة مخيفة وانطلق يجري وراء الطفلين وهم يصرخون أنقذنا يا أبي أغثنا يا أبي سمع الأب صوت طفليه يستغيثان فهرول مسرعا في اتجاه صوتيهما إلى أن تقابلوا فالتقطهما بين ذراعيه وهم يصرخون قتل أمي ياأبي.. حملهما الأب وهرول مسرعا ناحية النهر مرة أخرى والوحش يقترب من ثلاثتهم حتى كاد أن يلحق بهم وفي شدة سرعته وليس بينه وبينهم غير بضعة أمتار وصلوا لشاطئ النهر واستدرك الأب وقال فلنقف على حافة الشاطئ فجأة حتى إذا وصل إلينا وهو مسرع ومد يديه ليمسك بنا رمينا أنفسنا جهة اليمين بسرعة .. وفعلا نفذ الأب ماقاله وهو ممسك بيدي طفليه؛ هجم الوحش عليهم وهو يجري مسرعا فارتموا ناحية اليمين وقفز هو واقعا في النهر.
نهض الأب مسرعا وحمل طفليه وعدا بأقصى سرعته في طريق الكوخ.
وكانت نهاية الفيلم حيث أعيدت لقطة قفز الوحش بالبطئ وملأت صورته الشاشة وثبتت الصورة مع موسيقى صاخبة والنور خافت ثم اختفت صورة الوحش وتحولت الشاشة للون الأبيض واذا بظل وحش كبير أمام الشاشة ينطلق من أمامها بقفزات وصرخات ناحية جمهور المشاهدين بالسينما فتحولت قاعات السينما الي صراخ وصخب شديد من حركة الناس العشوائية في الزحام يريدون الخروج والنجاة بحياتهم فكلهم مازال يتخيل الوحش وهو يقتل زوجة الصياد وتحول الوحش الي حقيقة يعيشونها خرج الناس والوحش الغوريلا يصرخ ويتجه نحوهم في اتجاهات مختلفة ليرعبهم ثم خرج يجري وراءهم من السينما في الشارع ويصرخ بصوت مرعب وهم يصرخون رعبا ثم دخل الي اليسار بمدخل عمارة وبعد خمس دقايق خرج هيثم من تلك العمارة يحمل حقيبته على كتفيه ويمشي على يمين الشارع ينظر للناس وهم يهرولون ويصرخون من شدة الرعب لحق لأحدهم وسأله :
ما الخطب؟
لماذا يجري كل هؤلاء الناس خائفين يصرخون هكذا
رد عليه الرجل أجري بسرعة يابني.. يلحقنا وحش خطير خرج علينا من شاشة السينما ويريد أن يفترسنا.. ابتسم هيثم مندهشا من كلام الرجل وجرى معهم وهو يصرخ …
التعليقات مغلقة.