فى عيد الأم
الأمومة بين الإفراط و التفريط
بقلم هاني موسى
فى ترتيب الدوافع الفسيولوجية لدى الحيوان يأتى دافع الأمومة أقوى الدوافع وأعلاها منزلةً حتى عن غيره من
دوافع البقاء ( العطش والجوع) وتلك فطرة الله فى الأرض من أجل التكاثر والتكامل الكونى حتى أن الله عزوجل حينما أراد أن يبين صور الرحمة الإلهية بنا وصلة الأرحام وضح لنا نموذج التراحم فى الدابة التى ترفع حافرها عن وليدها خشية أن تؤذيه.
إن الأمومة غريزة قوية جُبِل عليها الإنسان ورغبة قوية تكتمل بها حاجة ملحة لديه خاصة المرأة فلو امتلكت متع الدنيا كلها وحُرمت منها لحركتها النوازع إليها من كل السبل.
…إن علاقة الآباء بالأبناء وعاطفتهم نحوهم فطرية بلا تكلّف
وقد يصل الأمر بعاطفة الكثيرين إلى التفريط فى آخرتهم ارضاءاً للأبناء؛ لذا قال صلى الله عليه وسلم ” الأبناء مبخلة مجهلة محزنة مجبنة ” أى أنهم يدفعوننا للبخل من أجلهم حتى فى أمور الإنفاق وإلى الجهل فلا نتعلم لأنهم أولى بالوقت والمال ومحزنة لأننا نحزن دوماً لأقل شئ يصيبهم ونحمل همومهم دوماً ؛ ومجبنة لأننا قد لا نقدم على كثير من الأمور مثل الجهاد وغيره خوفاً عليهم من بعدنا ، لكل ذلك قد نُفرّط فى أمور صالحة لأخرتنا بسببهم .
أما العكس أى علاقة الأبناء بالآباء ففيها تكلّف وتصنّع قد ينجح فيها من ينجح ويخسر فيها من يخسر .
…كلنا يتلفظ بمقولة ” هى الكلبة كلت عيالها ؟!!” حينما نتعجب من قسوة أو فعل مشين لأحد البشر ولكننى أؤكد لكم حدوث تلك الاعجوبة و بأن هناك من الكلاب من صارت تأكل أبناءها فى هذا الزمان العجيب ! ولمَ لا وقد أصبح من البشر من فاقت أفعالهم ذلك ؛ فنسمع ونرى بأم أعيننا عن الرجال والنساء الذين يقتلون أولادهم وأزواجهم من أجل تحقيق رغباتهم الشهوانية وهو ما يعتصر القلب حزناً نذيراً بقرب الساعة .
….إذاً الوسطية بلا إفراط ولا تفريط هى عين الفضيلة كما يراها الفلاسفة والمفكرين وهى نفس دعوة الإسلام.
…من الأفكار التى أعجبتني وقد اقترحها البعض فى عيد الأم لكل أم توفاها الله أنهم يخرجون لأمهاتهم صدقة فى هذا اليوم وتلك أجمل هدية تنفعها بعد وفاتها.
تحية من القاب لكل أم هى عيد أيامنا وبهجة قلوبنا وسر وجودنا وعائلة لآلامنا وهى المجتمع بأفراحه وأتراحه ؛ إن أيام الدهر لا تكفى للاحتفاء بها والاعتراف ولو بجزء من جمائلها ؛ رحم
الله أمى وكل أمهاتنا وجمعنا بهن فى جنته دار السلام .
التعليقات مغلقة.