أحمس وجيفارا ودراما النضال د.أحمد دبيان

أحمس وجيفارا ودراما النضال د.أحمد دبيان

الدراما التاريخية توظيف تاريخى فى المقام الأول ولا يستطيع أحد ما كان ان ينتقد عملاً درامياً بحجة انه يخالف التاريخ الحرفى .

ولكن تظل هناك ثوابتاً للتوظيف التاريخى وهناك أهداف وأغراض .

قد يكون الهدف اعلاءاً لقيمة مشروع وطنى ، أو دعماً لمفردات هوية تتشكل ، أو اسقاطاً على حالة هيمنة استعمارية واستدعاءاً لحقب تاريخية أصلت لحالة الحراك الوطنى المزمع للتحرر من ربقة الاستعمار وهذا ما فعله الأديب الكبير نجيب محفوظ فى روايته التاريخية كفاح طيبة.

فى تلك الرواية جاءت اشارات عديدة لتأصيل وترسيخ الهوية المصرية ، وجاءت عبارات قد تأتى فى سياق آخر شديدة العنصرية مثل

( ذوى البشرة البيضاء واللحى القذرة التى لم تطهرها الشمس )

والتى وردت على لسان ابطال الرواية المصريين عن الهكسوس اسقاطاً على الهيمنة الاستعمارية الانجليزية وتأصيلاً لمفردات العزة المصرية بما فيها نمطية البشرة السمراء والشعر الجعد.

قد يأتى التوظيف الدرامى موجها لخلخلة الثوابت وهو نهج ثقافى استعمارى للهيمنة ، رأيناه فى فيلم

CHE

والذى انتجته المخابرات المركزية الأمريكية وقام ببطولته الممثل المصرى عمر الشريف وبعلمه الكامل ، ليحلحل صورة البطولة عن جيفارا بابراز جوانبه الثورية الراديكالية وتصديرها باللاإنسانية عند اعدام الخونة والأهم ابراز عبثية النضال بمشهد الفلاح المختلق عن اذية الثوار له وعدم افادته من نضالهم وهو ما لم يحدث تاريخيا حيث واجه جيفارا التصفية الجسدية بشجاعة الثائر المقاتل ليتم تصدير هذا المشهد المختلق كحقيقة تاريخية .

اظهار أحمس كبطل نمطى بلحية وببشرة بيضاء هو من قبيل حلحلة الهوية لتتماوه ذكرى البطل المصرى الأسمر التاريخية . و ليصبح فى الوعى الجمعى ان لا غضاضة فى ان يصير الفرعون الحاكم فرعوناً هكسوسياً أو حيثياً او عثمانياً باسم المعبود المتمصر أو المتأسلم فالخليفة العثمانى صار فى عرف البعض حاكماً شرعياً تفوق شرعيته شرعية الدم المصرى الأصيل .