الصف…بقلم عبدالله عبدالإله باسلامه
الصف…بقلم عبدالله عبدالإله باسلامه
تولت خلف خيوط الفجر ليلة قاتمة مليئة بالرعب، والخوف، والصراخ …!
تحرك أبي ببطء يزحف بحذر نحو ثقب الضوء، مزيحا كومة اخشاب قال أنها سقيفة البيت المنهارة ، أختي أمل في حضن امي، وانا متشبثة بيدها الأخرى تشدني (أسرعي يا سمية).
تسللنا عبر الكوة وانطلقنا نجري وسط أكوام من الخراب والحطام .
ألسنة النار تخرج من تحت الركام المنتشر ،الدخان يغطي كل شيء..تلفت خلفي خيل لي أني لمحت إحدى رفيقاتي تلوح لي كما يفعلن كل صباح..أو كأني سمعت صوت معزتي البيضاء التي تتبعني كظلي إلى كل مكان… تشدني امي( اسرعي يا سمية ) .
يتوقف أبي ملتقطا انفاسه.. يبصق خيطا من الدم ممزوجا بالتراب ( طائرة العدوان..دمرت ..كل..ش…) ينقطع نفسه..ينحني راكعا..يسعل.. يبصق ..يعتدل يشهق ( عيال ال..) ينقطع نفسه …يصمت ..يلتفت ( هيا هيا)ونواصل الجري.. أمي تشدني( هيا اسرعي ياسمية) .
تراءت لي أجزاء من سور مدرستي التي اختفت !!
آه.. تذكرت حقيبتي الوردية، أقلامي الملونة واللواصق اللامعة، مسطرتي الشفافة، براية قلمي الرصاص ابو ريشة، وممحاتي الوردية بشكل قلب…. بكيت كثيرا ؛ فأنا بالكاد دخلت الصف الأول .
هربنا من القرية إلى المدينة، فقصفوا المدينة، هربنا إلى مدينة أخرى…..
هلكت أمي بسبب الكوليرا فهربنا ، وماتت أختي أمل من سوء التغذية فهربنا …..
تمر علينا سبع سنوات بين النزوح والهروب و… أخيرا عدت مع أبي وحدنا إلى القرية.
وعند جدار مدرستي المحطم بكيت طويلا ؛ فأنا لا زلت في الصف الأول .
التعليقات مغلقة.