في جهاد الصحابة بقلم مجدي سـالم الحلقة 486 ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي “سيف الله” 51
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 486 .. ” خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي..”سيف الله”.. 51
دراسة موقعة اليرموك.. نكمل.. معجزات التجهز للمعركة.. والقلة تفتك بالكثرة..
- ما كان من الخلفاء والأمراء في التجهز لليرموك..
لما وصل الأمراء إلى الشام نزل أبو عبيدة الجابية ونزل يزيد البلقاء ونزل شرحبيل الأردن وقيل بصرى ونزل عمرو بن العاص العربة.. فبلغ الروم ذلك فكتبوا إلى هرقل وكان بالقدس فقال: أرى أن تصالحوا المسلمين فوالله لأن تصالحوهم على نصف ما يحصل من الشام ويبقى لكم نصفه مع بلاد الروم أحب إليكم من أن يغلبوكم على الشام ونصف بلاد الروم.. فتفرقوا عنه وعصوه.. فجمعهم وسار بهم إلى حمص فنزلها وأعد الجنود والعساكر وأرا إشغال كل طائفة من المسلمين بطائفة من عسكره.. لكثرة جنده لتضعف كل فرقة من المسلمين عمن بإزائه.. فأرسل تذارق أخاه لأبيه وأمه في تسعين ألفًا إلى عمرو.. وأرسل جرجة بن توذر إلى يزيد بن أبي سفيان.. وبعث القيقار بن نسطوس في ستين ألفًا إلى أبي عبيدة ابن الجراح.. وبعث الدراقص نحو شرحبيل.. فهابهم المسلمون وكاتبوا عمرًا.. ما الرأي.؟ فأجابهم: إن الرأي لمثلنا الاجتماع فإن مثلنا إذا اجتمعنا لا نغلب من قلة فإن تفرقنا لا يقوم كل فرقة له بمن استقبلها لكثرة عدونا..
وكتبوا إلى أبي بكر فأجابهم مثل جواب عمرو وقال: إن مثلكم لا يؤتى من قلة وإنما يؤتى العشرة آلاف من الذنوب فاحترسوا منها فاجتمعوا باليرموك متساندين وليصل كل واحد منكم بأصحابه..
فاجتمع المسلمون باليرموك والروم أيضًا وعليهم التذارق وعلى المقدمة جرجة وعلى المجنبة باهان ولم يكن وصل بعد إليهم والدراقص على الأخرى وعلى الحرب القيقار فنزل الروم وصار الوادي خندقًا لهم وإنما أرادوا أن يتأنس الروم بالمسلمين لترجع إليهم قلوبهم ونزل المسلمون على طريقهم ليس للروم طريقٍ إلا عليهم فقال عمرو: أبشروا! حصرت الروم وقل ما جاء محصورٌ بخير.. وأقاموا صفرًا عليهم وشهري ربيع لا يقدرون منهم على شيء من الوادي والخندق ولا يخرج الروم خرجة إلا أديل عليهم المسلمون.. - في معجزة مسير خالد بن الوليد من العراق إلى الشام..
لما رأى المسلمون مطاولة الروم استمدوا أبا بكر فكتب إلى خالد بن الوليد يأمره بالمسير إليهم وبالحث وأن يأخذ نصف الناس ويستخلف على النصف الآخر المثنى بن حارثة الشيباني ولا يأخذن من فيه نجدة إلا ويترك عند المثنى مثله وإذا فتح الله عليهم رجع خالد وأصحابه إلى العراق.. فاستأثر خالد بأصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المثنى وترك للمثنى عدادهم من أهل القناعة من ليس له صحبة ثم قسم الجند نصفين فقال المثنى: والله لا أقيم إلا على إنفاذ أمر أبي بكر وبالله ما أرجو النصر إلا بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.. فلما رأى خالد ذلك أرضاه ومضى لوجهه وشيعه المثنى إلى قراقر ثم رجع إلى الحيرة في المحرم..
وقيل: سار من العراق في ثمانمائة وقيل: في ستمائة وقيل: في خمسمائة وقيل: في تسعة آلاف وقيل: في ستة آلاف وقيل: إنما أمره أبو بكر أن يأخذ أهل القوة والنجدة فأتى حدوداء فقاتله أهلها فظفر بهم وأتى المصيخ وبه جمع من تغلب فقاتلهم وظفر بهم وسبى وغنم..
وقيل: سار خالد فلما وصل إلى قراقر وهو ماء لكلب أغار على أهلها وأراد أن يسير منهم فوزًا إلى سوى وهو ماء لبهراء بينهما خمس ليال فالتمس دليلًا فدل على رافع بن عميرة الطائي فقال له في ذلك فقال له رافع: إنك لن تطيق ذلك بالخيل والأثقال فوالله إن الراكب المفرد يخافه على نفسه.. فقال: إنه لابد لي من ذلك لأخرج من وراء جموع الروم لئلا يحبسني عن غياث المسلمين.. فأمر صاحب كل جماعة أن يأخذ الماء للشعبة لخمس وأن يعطش من الإبل الشرف ما يكتفي به ثم يسقوها عللًا بعد نهل والعلل الشربة الثانية والنهل الأولى ثم يصروا آذان الإبل ويشدوا مشافرها لئلا تجتر.. ثم ركبوا من قراقر.. فلما ساروا يومًا وليلة شقوا لعدة من الخيل بطون عشرة من الإبل فمزجوا ماء في كروشها بما كان من الألبان وسقوا الخيل ففعلوا ذلك أربعة أيام.. فلما دنا من العلمين قال خالد للناس: انظروا هل ترون شجرة عوسج كقعدة الرجل.. فقالوا: ما نراها..
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون هلكتم والله وهلكت معكم! وكان أرمدا.. فقال لهم: انظروا ويحكم! فنظروا فرأوها قد قطعت وبقي منها بقية.. فلما رأوها كبروا فقال رافع: احفروا في أصلها.. فحفروا واستخرجوا عينًا فشربوا حتى روي الناس.. فقال رافع: والله ما وردت هذا الماء قط إلا مرة واحدة مع أبي وأنا غلام..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.