الجزء الثاني من دروب مغايرة من المجموعة القصصية الأحلام تغزو الأرض و المعروضة في معرض القاهرة الدولي للكتاب بقلم محمد كامل محمد
الجزء الثاني من (دروب مغايرة) من المجموعة القصصية (الأحلام تغزو الأرض) و المعروضة في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
بقلم محمد كامل محمد
أدنـو قليـلاً متخطيًا الحشود، أمر في مواجهتـه، أحاول أن أتبين وجهـه وملامحـه بدقـة، يخالطنـي اليقـن بمعرفتـه، يرفـع وجهـه قليـلاً عــن الأرض، لم نلتــقِ منــذ زمــن بعيــد، أعــود بذاكــرتي إلى أيـام الدراسـة، أذكـر وجهـه الباسـم الَمفعـم بالأمـل، تفـوق في كل العلـوم، صـار الطالـب المثالي لسـنوات متتاليـة، تقربـت منـه كغـيري مـن الزملاء، توطـدت علاقتنـا طـوال أيـام الدراسـة، دفعنـي للتقـدم في حيـاتي ودراسـتي، منحنـي بحـب تجاربـه وخبراته.
مـرت سـنوات تفصلنـي عنـه، انتقـل إلى مدرسـة أخـرى فانقطعـت الصلة بيننا، منذ ذلك الحين لم أعرف عنه شيئًا، حتـى زميلتنـا التـي أحبهــا لم تخربنــا بــشيء عنــه، تبــادرت إلى ذهنــي ذكريــات حياتنــا في تعاقـب مدهـش، شـعرت بافتقـادي لصداقتـه.
كــشرت القــوات التــي تحــاصره عــن أنيابهــا، تــم إخــلاء الميــدان، تفرقــت الحشــود، تجمــع عــدد كبــر مــن الســيارات المصفحــة والمدرعــات الشرطيــة اللانهائيــة، أعلــن الميكرفــون عــن إلقــاء القبــض عـلـى عنــصر تكفـيـري خطــير، ازداد اندهــاشي واحتوتنــي الظنــون، لم يخطــر بذهنــي يومًا أن أراه هكــذا مكبــلاً بالقيــود، ويســاق بينهـم كالأنعام، فتشت في عقـلي عـن أسرار انحرافـه، تبـادر إلى ذهنـي عـدم تصديق جميع ما حولي، لم ينتــمِ لأي تيــار دينــي أو ســياسي، ولم تســتهوه يومًا لعبــة السياســة، كانــت روحــه نقيــة وعذبــة، حضــورهَ ملفـت للأنظـار، وأخلاقـه السـامية كانـت نموذجًا يحتذى به، يعقـي أن يمحـوه مـن ذاكـرتي، تقدمـت وحاولـت الوصـول إليـه، منعنـي الجنــود المحاصريــن لــه.
ألقيـت نظـرة وداع على صديقـي، انسـابت الدمـوع الحـارة على وجنتــي، تناولــت هاتفــي النقــال، دَّونت على صفحات التواصل الاجتماعي قصة صديقي، وضعـت لهـا عنوانًا رئيسيأ
(اليوم فقدت صديقــي إلى الأبــد).
بقلمي.. محمد كامل محمد
التعليقات مغلقة.