موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الام…بقلم هيفاء نصري

217

الام…بقلم هيفاء نصري


قصة قصيرة
في مساءِ أحد الأيام الدافئة من شهر نيسان وفي مدينةٍ تعجُّ بالسكان كمدينة القاهرة وفي شارع مليء بالضجيج والزحام
يفتح ساهر باب شقته التي يعيش فيها وحيداً بعد أن سمع نقراً خفيفاً أو تهيأ له فما من أحد يزوره أبداً, فتح الباب ووجد نفسه يقف وجهاً لوجه مع فتاة في مقتبل العمر جميلة حد الدهشة بشعرها الأسود اللامع وعيناها المضيئتان بنورٍ غامض وقامتها الممشوقة وكأنها هاربة من إحدى مجلات الرشاقة , ثيابها بسيطة بنطال وتي شيرت قطني ,أظافرها مطلية بلون أحمر كلون احمر الشفاه الذ تضعه على شفتيها الرقيقتين . أما رائحة العطر فكانت كرائحة الصنوبر تذكّره برائحة البخور التي تخرج من منزل جيرانه المقابل لمنزله. دقائق من الصمت استطاع ساهر أن يرى كل ذلك قبل أن يسأل من أنتِ ..؟
كانت الفتاة خلالها هادئة ولكنها كانت تتفحصُ ساهر بنفس الطريقة شاب رياضي نشيط يتقدُّ بالحياة بني العينان والشعر ,أسمر البشرة بخلافها وأكثر ما يميزه هذا الجاذب الذي يتمتع به أهل مصر. تداركتْ نفسها وقالت : أنا سميرة
وفجأة أصبحت داخل.. المنزل …لم يذكرْ ساهر أنه ابتعدَ عن الباب ولم يذكرْ أنه سمحَ لها بالدخول فكيف عبرت إذا لم تكن قد تخلّلتْ جسده وهو يسدّ الباب بجسده الضخم .لحقَ بها إلى الداخل وسط المفاجأة التي أذهلته وهي تتابع كلماتها
أريد منك بعضاً من وقتك الثمين فأنت كموظف في مكتب دفن الموتى أريد منك أن تجيبني على سؤال واحد أخرج بعدها …
ساهر قضى شبابه موظفاً في ذلك المكتب يسجل أسماء كلّ الراحلين إلى العالم الآخر تعوّد رؤية تلك العيون الدامعة والوجوه الباكية التي تدخل أو تخرج من مكتبه لتعطيه معلومات عن كلِّ شخص انتقل إلى الحياة الأخرى كان يحلو له أن يعتبر الموت انتقال إلى حياة أخرى وكان مقتنعاً تمام الاقتناع أن هناك ألماً آخر ينتظرنا لا أحد يعرف ما هو أو كيف يكون …
ساهر الذي عاش وحيداً بعد ان فقد عائلته ووجد نفسه في أحد دور الأيتام حتى كبر وأصبح قادراً أن يعيل نفسه تبرع أحد الأشخاص بمساعدته ليجد عملاً في مكتب دفن الموتى فهو بالكاد تعلم القراءة والكتابة.
كانت تتحرك بسرعة تلك الفتاة من مكان إلى آخر في أركان الغرفة كالفراشة لا يشعر بحركتها إنما يتتبعها بعينيه
قال لها إذا استطعتُ سأساعدك ما اسمك وكأنه لم يسمعْ اسمها من المرة الأولى
أجابت سميرة ….اسمي
أريد أن أعرف منك هل يمكن لشخصٍ مات أن يعود حياً مرة أخرى
أجاب ساهر ليس على حدِّ علمي ولم يسبقْ أن حصل ذلك إلا في حالات توقف القلب طبياً , ممكن أن يعود القلب للعمل ولكن يكون ذلك خلال دقائق

  • لا أنا اسأل هل يمكن لشخص قد مات منذ سنوات أن يعود للحياة
  • طبعاً لا إلا إذا كان شبحاً طبعاً قال ساهر ذلك مازحاً ولكن ضحكته لم تلقَ صدىً لدى الفتاة التي تابعت الكلام بصوت أقرب إلى الهمس : أنا متُّ منذ خمس و عشرين عاماً في حادث سير
    وقف ساهر على قدميه وقد ملأ قلبه الرعب ولكنه تماسك فلا بدَّ أن هذه الفتاة تمزح ,
  • أنا لا أمزح متّ ودفنتُ ومنذ يومين وجدت جسدي ملقى على بوابةِ منزلنا القديم في الريف بثياب رثةٍ ممزقة وقامت إحدى السيدات بإعطائي هذه الثياب
    لم أجدْ عائلتي ولم أجد أحد ممن كنت أعرفهم ولن يصدقَ أحد أنني عدتُ من الموت .
    كانت الفتاة تتكلم وتتجول في شقة ساهر وهو يحاول التماسك ظاناً أنها لا بد مزحة من النوع الثقيل من أحد معارفه
    وقفتْ أمام المرآة المركونة بجانب باب غرفته لكنه لم يرها , لم يرى سوى صورته في المرآة …
    دارت به الغرفة غاب عن الوعي
    حين استيقظ ساهر كانت الفتاة تجلس قربه وأصبح الليل أشدُّ حلكة في الشقة إلا من ضوءٍ خافت , انتفض ساهر وراح يشعلُ أضواء المنزل جميعها ويستعيذ من الشيطان الرجيم
    قالت الفتاة لا تخفْ لستُ شبح ولست جنّية أمسِك يدي لتتأكد
    أمسك ساهر يد الفتاة الباردة وهو يرتجفُ فوجدها يداً تنبضُ كيدِ البشر , قال بصوت مرتجف لا أفهم…
    فجأة قرع الباب ونظرَ ساهر إلى الفتاة وخرج من الغرفة الى ذلك البهو الضيق ليفتح ليدخل أحد جيرانه قائلاً سمعتك تتكلم وأنا ماراً قرب المنزل هل لديك زوار..؟
    قال ساهر: نعم لدي ضيف واستدار ليعرّف الجار على الفتاة لكنه لم يجدْ أحد قال أقصد التلفاز يتكلم استغرب الجار تصرفاته ونظراته القلقة وهم الذين تعوّدوا هدوءه ودماثته مع الجيران …
    تابع الجار حديثه :
    جئت أخبرك أننا خارجون في الغد أنا وأبنائي للنزهة إذا أحببت القدوم معنا فأهلا بك
    ساهر يرافق الجار نحو الباب قائلاً سأحاول , عذرًا سأنام الآن فأنا لست بخير
    أغلق الباب وعاد مسرعاً باحثاً عن الفتاة لتخرج الفتاة من غرفة نومه قائلة :ماذا بك ..؟ فضلتُ أن اختبئ كي لا أحرجك
    المشكلة أنك تتعامل معي على أنني شبح سأختفي في أي لحظة , وأنا بشرٌ مثلك تماماً
    -أين عائلتكَ ..؟ سألت سميرة
    أجاب ساهر : لا عائلة لدي أمي قضتْ في حادث ووالدي توفى بعدها وليس لي اخوة ولا أخوات
    اقتربتْ الفتاة بكل حنان العالم واحتضنته ولا يدري لماذا أحس بدفء حضن والدته وكأنه عاد طفلاً أغمض عينيه وانتفض بعدها مبتعداً عنها
    من أنتِ ..؟
    سألت الفتاة هل تذكرُ والدتك ؟
    أجاب : لا كنت طفلاً عندما رحلتْ ولا أذكر ملامحَها ,أذكر رائحتَها فقط ..و هي
    كان يريد أن يقول تشبه رائحتكِ ولكنه أحجم عن الكلام
    قالت الفتاة أليس لديك صوراً لها ؟
    أجاب دون أن يعرف لماذا يسترسل في الكلام معها : لدي صورة قديمة غير واضحة
    قالت بهدوء يخفي لهفة عفوية : هل لي أن أراها ؟

لم يمانع طالما هو يجد طريقة لإمضاء الليل الطويل , الوقت كان عدوه فقد ملّ وحدته وأرادَ من يتحدث معه حتى لو كان تلك الفتاة الغريبة الأطوار , وقف ساهر ودخل الى غرفته وعاد بصندوق صغير فيه صور بالأبيض والأسود ومائلة الى الصفار وبدأ بتصفح الصورقربها
وباللاشعور بدأتْ تصفُ ما تراه : هذه صورة لوالدك حين كان في الصيد
لم ينتبه ساهر أنها تسرد تفاصيلاً عنه , كان يشعر أنه في جلسة حميمية مع أخته وليس لديه أخت أو أمه ولكن لو كانت أمه على قيد الحياة لكان عمرها ضعف عمر هذه الفتاة
قالت سميرة وكأنها تتكلم عن شيء تعرفه : هذه صورة لك وأنت صغير هنا كنت تبكي من أجل لعبة
بدأتْ الرعشة تسري في أوصاله ولكنه تماسك
والصورة الثالثة كانت صورة أمه قبل الحادثة بسنة تقريباً فتاة في الخامسة والعشرين ذات شعر أسود وبدأ يدقق من جديد في الصورة وبتردد مشبع بالخوف استدار ببطء نحو الفتاة ليرى مدى الشبه بينها وبين الصورة
قالت سميرة : انها امك نعم هذه صورتها اليس كذلك قبل الحادثة بعام ؟؟
قال الشاب بخوف وتأتأة من أنتِ ..؟
لم تجب سميرة بل أخذت وجهه بين كفيها قائلة :
انظر إليّ كل هذه السنوات وروحي تحوم حولك ولم تتركك ,انظر لعينيّ لم أجد الراحة الأبدية يوماً وأنا اعلم أنك في هذا العالم وحدك , أتيتك كما رحلتُ بهذا العمر لذا لن تجدَ علامات الكبر علي
وقف الشاب غير مصدق وتقدم إلى الأمام تاركاً ظهره للفتاة وتمنى لو أنها تختفي حين يعود فينظر إليها
قائلاً : إنه حلم …كابوس بالتأكيد أنا أتوهم أهلوس أي شيء
لكنه حين نظر للخلف مرة أخرى وجدها تنظر إليه بحب قائلة :
الآن فقط استطيع أن أنام مطمئنة
تكوّرتْ أمامه على الكنبة وسط ذهوله ووضعَ عليها ملاءةً بيضاء كانت على سريرِه وتركها لتغفو غير مصدقْ ما قالت
كان يتأملها ويتأمل الصورة
ولكن كيف يكذبُ ذلك الإحساس الذي يعتريه كان يردد بصوت مخنوق .. أمي امي وجلس بقربها …
وغفا وحين استيقظ كان ضوء النهار يملأ الغرفة لم يكن يتذكر لمَ نام على الأريكة هكذا، ولكن وقعت عيناه على الصور وانتفض واقفاً فقد تذكر تلك الفتاة لم يجد الفتاة التي ادعتْ أنها أمه
واقنع نفسه أنه مجرد حلم قائلاً الحمد لله ربما هو الاحساس بالتقصير تجاه والدته ووالده فهو لم يزر مدفن العائلة منذ وقت بعيد
ارتدى ساهر ثيابه ليخرج الى عمله , وقبل أن يذهب الى عمله عرّج على قبر والدته ليقرأ لها الفاتحة وحين وصل الى القبر وجد تلك الملاءة التي غطّى بها تلك الفتاة سميرة التي اعتقدها مجرد حلم … وجد الملاءة معلقة على شاهدة القبر هي ذات الملاءة التي يعرفها جيداً , اقترب منها ليجد رائحة العطر عليها وكلمات بأحمرِ الشفاه التي كانت تضعه تلك الفتاة التي اصرتْ أنها أمه , كانت الكلمات تقول : أحبك بنيّ

هيفاء نصري

التعليقات مغلقة.