من جمهورية بيافرا إلى سد النهضة بقلم د.أحمد دبيان
فى ظلال شهر يوليو المبارك والذى تأتى بركته كونه شهر ميلاد الثورات والتغييرات التاريخية الحاسمة ولربما كونه شهر غسيل الأدران التى قد يخلفها تعاطيات صهاينة المصريين ومشتقاتهم العربية .
نتلمس من يوليو القوة والالهام والسند لا كونه تاريخاً مضى ولكن كونه المستقبل الذى يرتعبون تكراره واكتساحه لمكتسبات الخيانة والهيانة والتصهين ولعبة الاوراق الأمريكية .
كان يا ما كان وفى ذات يوم من شهر اغسطس عام ١٩٦٧ وبعد جولة يونيو التى أعقبها معركة رأس العش وبداية حرب الاستنزاف تلقى الزعيم جمال عبد الناصر رسالة من الكولونيل جاكوب جوان رئيس نيجيريا يعرض عليه فيها المخاطر التى تتعرض لها نيجيريا جراء الغارات التى يقوم بها أجوكو قائد قوات الانفصال التى انفصلت باقليم بيافرا مدعوماً من إنجلترا والتى تقصف مدينة لاجوس العاصمة يومياً وكانت نيجيريا حديثة الاستقلال من بريطانيا تفتقد لاى منظومات للدفاع الجوى ناهيك عن اى طيارين حربيين ليقودوا طائرات الميج ١٧ التى منحهم إياها الإتحاد السوفيتى .
استطرد الرئيس النيجيرى فى رسالته ليعرب عن تفهمه للصعوبات العسكرية التى تمر بها مصر جراء جولة يونيو ١٩٦٧ وانه يعلم ان مصر تحتاج فى الفترة الحالية لكل طيار ولكنه يسأل الرئيس ناصر ان يستخدم نفوذه لدى الرئيس الجزائرى هوارى بو مدين ان يمنحه بعض الطيارين الجزائريين ليقودوا تلك الطائرات وليواجهوا قوات الانفصال المدعومة بريطانياً .
اقليم بيافرا الغنى بالبترول كان هو هدف بريطانيا الراحلة بعصاها جراء التحرر الوطنى الافريقى ، وقد استعان الكولونيل أجوكو قائد قوات الانفصال فى بيافر بتشومبى الذى انفصل باقليم كاتنجا الغنى بالماس فى الكونغو والذى استطاع اغتيال الزعيم الكونغولى بياتريس لومومبا مدعوماً بالمخابرات الامريكية والفرنسية .
كانت نيجيريا مهددة بالانقسام والتفتت كما حدث فى الكونغو وكان هذا يصب فى مصالح الاستعمار الذى انهكته حركات التحرر الوطنى فى الستينات.
دعمت اوروبا الكولونيل اجوكو بالمعدات وبالمرتزقة بتنسيق مع المخابرات الامريكية والانجليزية وبما هو ليس ببعيد عن اصابع ومصالح الموساد التى تدفقت من دولة الاحتلال الصهيونى اطنان من الاسلحة لاقليم بيافرا والتى كانت تصب فى مصالح اسرائيل بالطبع تفتيت دولة كبيرة مثل نيجيريا .
كان هذا هو وضع نيجيريا حينى تلقى الزعيم جمال عبد الناصر طلب الرئيس النيجيرى جاكوب جوان.
كان هذا بعد اسابيع قليلة من جولة يونيو ١٩٦٧ ومصر تستعد لحرب الاستنزاف .
فى ٢٥ أغسطس عام ١٩٦٧ استدعى الرئيس جمال عبد الناصر السيد محمد فائق رجل المخابرات المصرية فى افريقيا والذى تم اعتقاله فى انقلاب مايو ١٩٧١ ليناقش معه طلب الرئيس جوان شارحاً مدى صعوبة ارسال الجزائر طيارين من اجل امنها القومى وانه لا يريد لنيجيريا بثقلها الافريقى ان تتعرض لما تعرضنا له فى يونيو ١٩٦٧.
شرح عبد الناصر انه يدرك ان جمهورية بيافرا اذا ما استطاعت ان ترسخ لوجودها سيكون هذا قاعدة للإستعمار الأمريكى واسرائيل فى افريقيا .
قرر الزعيم جمال عبد الناصر مساعدة نيجيريا ومع صعوبة التخلى عن الطيارين المقاتلين بتكليف السيد محمد فائق بالاتصال بالطيارين المصريين المتقاعدين لتكليفهم تطوعاً بقيادة طيارات الميج ١٧ دعما لمصالح الامن القومى المصرى والتى تتوافق مع مصالح الحكومة النيجيرية.
تولى الطيارين المصريين حماية سماء لاجوس مع قصف مطار بيافرا قطعا لامدادات المرتزقة وقوات الكولونيل أجوكو.
سقطت جمهورية بيافرا فى يناير ١٩٧٠ قبل اغتيال الزعيم فى سبتمر ١٩٧٠ ولتصبح القاهرة ومنذ العام ١٩٧١ قاعدة لنادى السفارى المشبوة محولة البوصلة ١٨٠ درجة ناحية المصالح الغربية الاستعمارية ولتصبح اداة استعمارية بعد ان كانت قبلة التحرر ولننتهى اليوم الى اكبر خرق للامن القومى المصرى المائى والوجودى.
هذه هى قصة من قصص حروب مصر الافريقية من اجل الامن القومى المصرى فى المقام الاول ولدعم حركات التحرر الافريقى التى منحت مصر زخمها وثقلها السياسى وليس كما تعاطى احد مسخاء الكتابة الدجالين فى كتبه عن معارك ناصر الفاشلة فى الكونغو وافريقيا.
التعليقات مغلقة.