موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

قهوة المساء : الهجرة بقلم الأستاذ داوود الاسطل

471

قهوة المساء : الهجرة

بقلم الأستاذ داوود الاسطل


ما أكثر الدروس المستفادة من الهجرة النبوية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة الى المدينة المنورة ، ومن قبلها هجرة الصحابة الكرام من مكة المكرمة الى الحبشة .
لم تكن الحبشة أرضاً أكرم من مكة ، وإنما كان أهلها وملكها أكثر عدلا ولا يُظلم عندهم أحدا ، وكأن الهجرة الأولى تؤكد بأن القداسة الحقيقية هي للإنسان ، ولا تكتمل تلك الأهمية إلا بالإنسان العادل والدولة العادلة والحكم العادل ، فأينما يسود العدل تسود الطمأنينة ويعم الأمن .
يهاجر النبي وصاحبه أبو بكر الصديق من مكة ، الظالم أهلها ، وجهتهم المدينة ، الطيب أهلها ، فاستدبر النبي بلدا هي أحبُّ إليه من كل البلاد ، استدبر قوما أشرارا ، أذاقوا المؤمنين أشد ألوان العذاب .
إذن الهجرة تعلمنا أن الإنسان أهم من المكان ، ولا أهمية للمكان الذي تهان فيه كرامة الإنسان وتصادر منه حرية العبادة أو حرية العيش أو حرية التعبير .
يتجمع المؤمنون في المدينة وعيونهم ترحل كل يومٍ الى موطنهم الأصلي مكة ، فالوطن له مكانة كبيرة في قلب الإنسان ، ولكن هل الوطن مجرد تراب وحجارة وطرقات ، أم أن الوطن أهل ومنافع وممتلكات خاصة وأعمال ؟
نعم ، عيونهم تمتد الى الطغاة الذين سلبوهم أرضهم وأموالهم ومصالحهم وفرقوا بينهم وبين عشائرهم ، إنهم ينتظرون بفارغ الصبر العودة الى الوطن ، ولكن لماذا ؟
ليقيموا العدل في موطنهم ، ليعود للوطن قداسته الحقيقية ، المكانية والشعبية .
الهجرة ليست مجرد انتقال ، ومعظلم المهاجرين لا يتركوا أوطانهم ترفا وبطرا ، وإنما يبحثون عن الأمان المفقود في داخلهم .
الهجرة ليست توثيقاً تاريخياً نعرف به عدة السنين ، ولا تقويماً قمرياً نعرف به عدة الشهور ، وإنما الهجرة تعني الفرار من الظلم بحثا عن الإستقرار .
ليست الهجرة ركوب راحلة والتمتع بالمناظر الطبيعية ، وإنما الهجرة ركوب المخاطر والخوف الشديد ، والإضطراب النفسي ، العيون هائمة ، تائهة ، الأرواح شاردة ، تنتظر المجهول الذي لا يعلمونه ، أهو خير أم هو شر ، قمة التعب النفسي وقمة المشقة وقمة الخوف وقمة المغامرة .
الهجرة عنوان لمرحلة جديدة وليست احتلالا لأرض الغير ، يبقى المهاجر غريبا ، إلى أن يعود .

سلام إلى أولئك الذين امتطوا المخاطر وجابهوا أعتى الأمواج ومشوا مئات الآلاف من الأمتار حفاة عراة جائعون هائمون ، فقط لأن وطنهم لم ينصفهم


.
سلام لكل من غاب في غياهب السجون ، فقط لأنه هجر الظلم وتحررت نفسه من قيود العبودية .
تعلمنا الهجرة أن الإنسان أكرم من الأرض ، وأن الأرض تلفظ الظالمين وان طال أمدهم
.



فلسطين – غزة
9/8/2021

التعليقات مغلقة.