رفرفة جناح الفراشة والنظرية اللغز قراءة تأويلية للقصة “رفرفة” بقلم الناقد الأديب الكبير أ. أحمد الطنطاوي

رفرفة جناح الفراشة والنظرية اللغز
قراءة تأويلية للقصة “رفرفة” بقلم الناقد الأديب الكبير أ. أحمد الطنطاوي

لتجسيد الفكرة ، و النظر بعيون عدة طيور من أعلى فى وقت واحد ،
لابد من رؤية الفيديو المرفق الذى أحضرتـــه ليكون المزامل الذهني
لهذا النص العبقرى للأستاذ أسامة الحواتمة .

…

رَفرَفَة

رَأَى مِثلَ جَنَاحِهَا فِي إِحدَى خِطَطِه، تَغَطرَسَ عَنهَا، تَسَلَّقَ الجَلِيدَ…
بَعدَ جَمعِهِم لِأَوصَالِهِ مِن تَحتِ الرُّكَام اِعتَقَلُوا فَرَاشَةً؛ لَاعَبَتْ كُرَةَ ثَلجٍ فِي الصِّين.

أسامة الحواتمة/الأردن

نظرية رفرفة جناح الفراشة أثبتت أدلتها على مستوى العالم
و على مستوى الإنسان نفسه .

معظم النار من مستصغر الشرر , و التحولات الهائلة المتتالية في
اتجاهات شــتى تحدثها ضربة كرة بلياردو تفرق كرات كثيرة في
نواح متعددة.. “مصرع الرجل بين فكيه” .. إذا سب أحدهم آخر ،
فأخرج هذا سكينًا و قتله ، ستتحول بالتالى مسارات أسرتى القاتل
و المقتول في مسالك لا يعلمها إلا الله …
لا يمكن بأى حال حساب عملية التباديل و التوافيق و حســــــــاب
الاحتمالات لأى حدث صغير أو غير مقصود حتى في عداد النتائج
و العواقب ، إن خيرًا و نجاحًا و علوًا , أوشرًا و فشلا و ســقوطًا
كل هذا لا يعلمه إلا الله و هو مســــــــجل في كتاب القدر و اللوح
المحفوظ.
إن هذه النظرية _ رغم جنونها _ إلا أنها تمثل منتهى المنطقــــــية
و الإحكام و الدقة تصويرا لحقيقة الحياة في كامل غرابتها توازنًا
و انتظامًا و تكافؤًا رغم ما يبدو فيها من عشـــوائية و اضطراب .
لن نفهم مهما حاولنا الحكمة و لا أي شيء من هذه المنظومة بالغة
التعقيد في تشابكها المثير للارتباك في أعلى صوره ذهولا .
…

هذا النص رســــــــــــم النظرية رسمًا أدبيًا ما كان يقدر عليه إلا
هذا الكاتب النشِط الممسِك بدفة أدواته بإحكام .. الســـــائر بقاربه
في أمواج القص بمهارة ملاحٍ خبير .

حول النص :

هو تجاهل معادلتها تكبرًا واعتدادًا بنفسه , و ظن نفســـــه بطلا
أسطوريًا يمكن أن يحارب القدر و يجابه المستحيلات المجهولة
, فلم يصغ للهاجس أو الحلم أوالنبــــوءة أو التحذير , و خاض
المجاهل تحديًا للمكتوب من قبل, لكنه كأى أحمق سقط في الهاوية
من لحظته، فكان هلاكه .

اعتقل القوم _ وهمًا _ فراشة ، و قد رأوها نذير الشؤم و المتسبب
في الدمار ، و لم يعوا الدرس الهام ..

الفراشة كانت هناك … بعيدًا جدًا , تلهو بكرة ثلج مِراحًا
و حبورًا ، و تراقص الأجواء ابتسامًا.

المقابل الذهنى لهذه النظرية هى نظرية تداعى المعانى .. فكرة
تسلم الى فكرة أخرى تستدعيها و هكذا , حتى تبتعد تمامًا عن الأصل
الأول , و ربما تصل إلى الفكرة البعيدة رقم 50 .