ذات العيون العسلية قصة قصيرة.
علي جبل
إلتقت عيوننا، شَعُرت وكأنني أعرفها من قبل.
كانت الشمس قد اقتربت من مغربها
نظَرَتْ إلىَّ بعينيها العسليتين وكأنها
تقول لي أشعر بقلبِكَ يفيض عطفا وحنانا. كان ذلك باديا من نظرات عيني، وبالرغم من أنني كنت أعاني
بعض الهموم التي أثقلت قلبي، إلا
أنها لم تُغير قسمات وجهي. نظرت إليَّ على استحياء وكأنها تقول :أراك مبتسما كانك لم تعبسْ ابدا. قلت هذا من عادتي فالبسمة عبادة. تحرَكَتْ امامي بخفة وكأنها فراشة جميلة ترفرف حولنا تريد شيئا ما. تَمنيتُ لو مكثتْ معنا طويلا . فقد أضاءت
جنبات البيت وكأنها شمس النهار الساطعة.
اتجَهَتْ إلى أمي مُسرِعة ، استقْبَلَتْهَا
بعطف، تهامسا سويا، طال اللقاء، تعمقت النظرات كانهما عاشقين.، كانت بين الفينة والأخرى تختلس النظر وكانها تَخشى أن أعرف ما يدور بينهما من همس، ابتعدتُ قليلا عنهما
كي لا استرق السمع واعلم ما لا
يُبدون ،فليس من عادتي التلصص، أَنهَتْ همْسَها معأمي ثم التَفَتَتْ
ناحيتي وكأنها تريد شيئا ما. مسَحتْ أمي علي رأسها مسحة خفيفة، وربتَتْ على ظهرها وكأنها تُهَدئ من روعها. أحسَسْتُ بأمرِِ ما يُثقِل قلبها ويَشغل بالها.
كانت كثيرة الحركة، تتلفت كثيرا،
مضطربة، وفي حيرة من أمرها، لا بد انها في انتظار حدث هام.
بادَرْتها بعرض المساعدة مُتمنيا قبولها. ، تَمَنَعَتْ في خجل كأنها امتلكت الحياء كله. كان باب غرفتي مفتوحا، اتجَهَتْ إليها تمشي الهوينى
كالسحابة لا ريْثُُ ولا عجلُ، ترفل في حُلة من الانفة والجمال وكانها امتلكت الحسن كله.
اختفت لبعض الوقت، واختفى معها ضوء النهار. دوار خفيف في راسي، انفاسي تتساقط، دقات قلبي تتسارع، وبعد مدة سطعت الأنوار. إنها هي، ظَهَرَتْ ثانية بِخِفَتِها ورشاقتها وجمالها الأخاذ، ولكن مع شحوب بسيط باد علي الوجه، ونحافة في الخصر.
أومآت برأسها إلى أمي فاتَّجَهتْ إلى غرفتي.
التقت عيوننا ثانية وكأنها هذه المرة تستاذن الرحيل، تَمَنَيتُ لوطال بها المقام وظلت معنا.
اقترَبَتْ مني، احسَت برغبتي في عناقها وطبع قبلة على جبينها. بادرتني بثغرها الباسم الذي يشبه حبة الكرز بقبلة على خدي، ثم علي جبهتي، أنفها الصغير يتشمم رأسي، رائحة الياسمين التي اعشقها تفوح مني فطالت من عناقها وكانها تعشق الياسمين هي ايضا. وفجأة خَرَجَتٰ اُمي تحمل بين يديها ثلاث قطط جميلات. قَفَزَتْ القطة من فوق كتفي واحتضنت هُريراتها الثلاثة بلهفة.
التعليقات مغلقة.