جوندت والثورة العرابية د.أحمد دبيان

جوندت والثورة العرابية د.أحمد دبيان

من المفارقات التاريخية ان اول صدام افريقي فعلي مع مصر كان في عهد الخديوي اسماعيل ، وكان في عهد ولاية امبراطور اثيوبيا الذي لقب نفسه كما كل الأناجشة بأسد يهوذا .

ظل الخديوي مترددا في الصدام مع اثيوبيا متبعا سياسة تأليب المتمردين علي يوحانس الرابع ولكن دون مدهم بالسلاح حتي لا يتم اتهامه من قبل بريطانيا او فرنسا بالتدخل في شئون القرن الإفريقي.

ظل التردد سمة الخديوي في الحرب الي ان هاجم يوحانس مصوع رغم محتولات الخديوي اتخاذ المفاوضات سبيلا وطلب وساطة بريطانيا وفرنسا مع اتخاذ اجراءات تقليل الرسوم والجمارك علي الواردات الاثيوبية وكانت مشكلة اثيوبيا الكبري منذ فجر التاريخ عدم وجود ميناء لها علي البحر الأحمر واحتياج يوحانس الي استيراد الأسلحة لقمع المتمردين .

عين يوحانس الرابع قائدا بريطانيا علي جيشه

بينما عين اسماعيل الكولونيل آرندوب وهو احد المرتزقة الامريكيين المدحورين في الحرب الأهلية الامريكية .

بعد مهاجمة الاثيوبيين لمصوع قرر اسماعيل الحرب ولكن بعد ان رسخ يوحانس الرابع اركان حكمه واستكمل تدريبات جيشه.

في ١٤ نوفمبر ١٨٧٥ تقدم الجيش المصري بقيادة آرندوب مؤلفا من ٣٠٠٠ من المشاة المسلحين ببنادق رمنجتون و ١٢مدفع جبلي وتحت قيادة العديد من الضباط الأوروبيين والأمريكان (الكونفدراليين) إلى جوندت في طريقه إلى عدوة حيث هاجمه الجيش الإثيوبي بقيادة الإمبراطور يوحنس الرابع من المقدمة. قامت فرقة إثيوبية أخرى بقيادة الراس شلاقة علولة بالانفضال لمواجهة الكتيبة المصرية المتقدمة من قلعة أدي ثم التفت تحت جنح الليل من فوق الجبل حول مؤخرة الجيش المصري الرئيسي المتمركز بالوادي السحيق مما أدي إلى سقوط الجيش المصري بين طرفي كماشة – الأمر الذي أدى في صباح ١٥ نوفمبر إلى مذبحة للقوات المصرية لم ينج منها سوى نحو ٣٠٠ جندي انسحبوا إلى مصوع تحت قيادة العميد الأمريكي دورنـهولتز ورؤوف بك. قتلى الجيش المصري كان بينهم آرندوب وأراكل نوبار (ابن أخي رئيس الوزراء المصري نوبار باشا) والكونت زيشي ورستم بك. قتلى الإثيوبيين بلغوا ٥٠٠ في ذلك اليوم. غنم الإثيوبيون ٢٢٠٠ بندقية و ١٦ مدفع – اثنان من تلك المدافع ما زالا يزينان الساحة الكبرى لمدينة أكـسوم العاصـمة التـاريخية للحـبشـة وعرق الأمـهـرة. إثيوبيا المعاصـرة أطـلقت اسـم جوندت على أسـمى وسـام عسـكري لديها.

كان الصاغ وقتها احمد عرابي احد الجنود الذين لاقوا الهزيمة الفادحة لتردد اسماعيل وعدم كفاءة ارندوب في جوندت وكان لتلك الهزيمة مع فساد اسماعيل وبذخه واسرافه مع ترسيخ التدخل الأجنبي بسبب ديون اسماعيل احد أكبر العوامل في ثورته علي الأسرة العلوية لاسترداد شرف العسكرية المصرية المهدرة في جوندت .