قهوة المساء : الغفلة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
الغفلة تعني السذاجة ، او التلهي وعدم الفطنة ، وقد تعني الاهمال وعدم التمييز ، وقد تعني التيه النفسي ، ومن الممكن تعريفها بعدم معرفة او ادراك لشيء يعلمه الآخرون .
الغفلة تكون بفعل الانسان وهو جزء منها ، عكس النسيان الذي يكون خارجا عن ارادته ، فالغافل يعلم انه يجهل بعضا من الامور ولا يطلب العلم بها ، و يعرف الحقوق ويتهرب منها ، ومن الغفلة يتولد التغافل وغض الطرف والركون والهزائم الداخلية .
لعل الكثيرون من الناس يدركون انهم غائبون وغائبٌ فألهم ، يتغافلون حتى حقوقهم ووجودهم وان زعموا غير ذلك .
كيف بقوم يرون الحق حقاً ولا يتبعوه ، ويرون الباطل باطلا ولا يجتنبوه !!
ان الانسان مجبولٌ على العلم ، والفهم والادراك ، وكل تلك الصفات الكريمة لها تضاد من حيث الجهل والغباء والبلادة ، فإن طغى أحدهما على الآخر كانت شيمة صاحبها ، وتعامل مع الناس وفقا لذلك .
إن الواقع المرير الأليم الذي نحياه انما يعبر عن غفلتنا الكبيرة ، إذ أن الناس ترى الباطل بأم عينيها وتتبع تدليس الفضائيات وأصحاب الشعارات ، واذا ما عادوا الى رشدهم هنيهة من الوقت لعنوا البؤس ومسببوه ، ثم يعودون لغفلتهم مرة أخرى ، وكذلك يفعلون .
لعل اقرب توضيح لتلك الغفلة المقيتة هو موقف قوم ابراهيم عليه السلام :
( ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ ) الانبياء 65
الأيام تجري بنا ، ونحن لا زلنا نقول لعل القادم افضل ، والشمعة في آخر النفق ، والفجر لا محالة آت ، وان موعدهم الصبح ، والأرض الطيبة لا يدوم فيها ظالم ، وكثيرا من العبارات الجميلة في مبناها ، المفرغة في محتواها .
ان كان القادم افضل فلابد للعمل في الحاضر ، وبدلا من لعن الظلام فلنشعل الشموع التي بأيدينا ولا ننتظر شمعة بيد مجهول يقف على فوهة النفق المظلم ، فقد يطفيء ذاك المجهول شمعته عند وصولنا اليه لندخل في نفق آخر أشد ظلمة من سابقه ، والصبح الذي ننتظره نحن من يعيش ليله ، فلنحيي ليلنا لينفلج صبحنا ، بدلا من نومنا العميق المحفوف بشخيرنا وكوابيسنا التي نعتقد انها احلاماً جميلة واذ به الشيطان يبول في آذاننا ، والظالم مستمر في ظلمه حتى اذا هلك كرها بفعل الزمن اتضح اننا تهالكنا معه أيضا فهلكت معنا احلامنا ومخططاتنا واعمارنا .
افيقوا ايها الناس من غفلتكم ، فقد اقتربتم من نهايتكم وانتم لا تحسنون صنعا .
داوود الأسطل
فلسطين – غزة
8/10/2021
التعليقات مغلقة.