في حضرة الصديق
بقلم ياسمين حسن
وكان صديقي يخصني بمكانة عالية لا يقربها أحد، وكنت أحظى منه بما لا يحظى به غيري؛ لطالما أشعرني أنني أجمل نساء الأرض، ولا يوجد على الأرض من هي مثلي.
كان يتجنب ما يمكن أن يؤثر على علاقتنا سلبا، وما إن أوشكنا على الاختلاف بشأن أمر ما إلا ووجدته يعيدني بسحر كلماته إلى موضعنا الأول؛ حيث الراحة والألفة والتفاهم والسكينة…
كان يجول في خاطري كثيراً؛ ماذا لو أن لصديقي محبوبة! وكيف له أن يعاملها؟!
وهل يوجد من هو أفضل مما يتعامل به معي؟!
لا أدري ولكن كان الفضول لا يتركني أبدا.
لطالما وقفت حائرة بين أشعاره وخواطره وأسلوبه الأخاذ.
وتساءلت بيني وبين نفسي من هي؟ وكم قلت في نفسي. من المؤكد أنها ليست إنسانة عادية تلك التي اختارها من بين فتيات العالم أجمع.
فصديقي جميل جداً، ملامحه الطفولية التي لا تكبر على مر الزمن… براءته التي لم تلوثها اغراءات الحياة… عيناه الناطقتان بكل جميل، وتنمان عن ذكاء شديد وفهم عال.
كل ملمح في صديقي كان يستوجب التوقف عنده، والتأمل فيه.
أما إذا نطق.. وآه من كلماته! إنك لن تستطيع أن تمر على كلماته مرور الكرام… للكلمة الواحدة عنده معنى جديد، وسحر فريد… حتى الألفاظ العادية إذا خرجت منه فإن نطقه لها يلبسها ثوبا آخرا… كنت لا اتوقف عند كاتب من كتاب هذا العصر الذي نحن فيه بتاتاً، لأجد من يشبهني؛ إن شئت فقل : لم أجد من يقرؤني!
لكن صديقي قام بقراءتي، فوجدت نفسي بين أحرفه دون أن أشعر حتى من قبل أن نتعارف؛ وكأن كلماته كتبت لي، وكأنه كان بانتظاري..
صديقي قرأني بقلبه، وفعلت ذلك أنا أيضا. فكأن كلانا كان يحن للقاء الآخر وينتظره… ما بيني وبين صديقي لا يمكن حصره في كلمات.
أصبحنا من فيض المشاعر الآن نصمت… يتذكر كلانا الآخر في صمت فيبتسم.
نسترجع أحاديثنا الجادة والهزلية، ونشرد هناك إلى ما وراء الزمان وما وراء المكان إلى ما وراء الأبدية.
صديقي كان مقلا في كتاباته؛ وكم أخبرته أن حرفه هو الشيء الوحيد الذي يسعد قلبي، ويثلج صدري، وأنه لو ولى الأمر اهتماما لأصبح أشهر كتاب العصر…
لكن صديقي اكتفى بي واكتفيت به… إنني جمهوره الوحيد والمفضل؛ وهو كذلك لي…
صديقي لا يغيب عني مهما ابتعد. إنه ساكن بقلبي، وعالق بفكري، ومقيم بأوصالي…
صديقي وهو يدري لم عبرت هنا بالصديق وليس بغيره مع أنه أكبر وأعمق وأجل من ذلك؛ لكنه وحده يعرف ما بين ثنايا أحرفي…
ابتسم يا صديقي فهناك من يحيا بابتسامتك
ابتسم لأجلي وأجلك وإلى أن يحين اللقاء.
ياسمين_حسن
التعليقات مغلقة.