الطــــوفان.. بقلم مجدي سـالم
الطــــوفان.. بقلم مجدي سـالم
يجب أن أعترف أنا وكل البشر عن قصورنا عن التعبير أمام وصف القرآن للطوفان.. تجتمع الآيات من السور المختلفة لترسم الصور و لتصور الكاميرات ما جرى في الواقع بدقة متناهية في سلاسة واقتضاب شديد..
و جاء اليوم الرهيب.. يقال أن جبريل نزل إلى الأرض ليكون في عون نوح..
بدأ كل ساكن على الأرض يتحرك.. تفجر البركان الذي بدأ كنار التنور ليولد زلزالا رهيبا تحطمت معه قشرة الأرض وتفجرت منها الماء عيونا.. كان الماء يتفجر من كل فتحة في الأرض.. فتحت أبواب السماء وانهمر منها ماء وسيولا لم تر الأرض لها مثيلا.. الزلزال يرفع قيعان المحيطات والبحار فيفقد الماء هدوءه وتصبح الأمواج جبالا عاتية تندفع تجاه الجزء اليابس من الأرض فتجور عليه.. يأتي الماء من كل مكان ليلتقي محدثا طوفانا رهيبا هائلا يجتاح كل شيء على الأرض..
غرقت الكرة الأرضية تماما لتصبح كرة مائية.. لا يابسة عليها.. ويعجز التعبير.. إقرأ معي.. من سورة القمر.. ” فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِر وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ “…
وانظر تعبير القرآن.. فتحنا أبواب السماء.. ماء منهمر.. فجرنا الأرض.. عيونا.. إلتقى الماء.. أمر قدر.. ألواح ودسر (طريقة التركيب المعجز للسفينة)..
واقرأ أيضا من سورة هود..
” وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ “..
وتأمل قوله تعالى (موج كالجبال).. وارتفاع الجبل في اللغة لا يقل عن 300 متر.. إذن فارتفاع الموج كان 30 ضعفا من أمواج التسونامي..
إرتفعت المياه وغمرت كل شيء على سطح الأرض.. تجاوزت قمم كل الأشجار والجبال.. في بداية الطوفان نادى نوح ابنه وكان في مأمن أن أركب معنا ولا تكن مع الكافرين.. ويرد الإبن: سآوي إلى الجبل.. يناديه نوح أن لا عاصم اليوم من أمر الله.. وبسرعة رهيبة يختفي الإبن.. حال بينهما الموج.. إنتهى الحوار فجأة.. سرعة الطوفان الرهيبة ويحجب الموج عن الوالد أن يغرق الإبن أمام عينه.. إنها رحمة من الله.. وفي سورة هود.. ” قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ “..
كان نوح يعتقد أن هذا الإبن مؤمن وأنه فقط أساء الإختيار وفضل أن يعتصم بالجبل.. فغرق.. واستمر الطوفان.. وحمل الطوفان السفينة في أمان رغم الموج الهائل.. هلك كل شيء وماتت كل عين تطرف على الأرض وبادت الحياة ولم يبق سوى من حملهم نوح في سفينته.. المؤمنون.. وأنواع الطيور والحيوانات التي اختيرت بعناية.. كان الطوفان مروعا عظيما هائلا.. كان دليلا على قدرة الخالق المقتدر..
يعتقد بعض العلماء أن شكل الأرض في صورتها الحالية كقارات منفصلة قد وقع نتيجة طوفان قديم جبار.. يسميه بعضهم (بالثورة الجغرافية)..
لا نعرف كم من الزمن استمر الطوفان.. لكن الأمر الإلهي صدر.. فتوقفت السماء وأغلقت أبوابها وانقطع الماء.. وبلعت الأرض مائها.. وانحسر ماء البحار والمحيطات وعاد أدراجه.. واستقرت السفينة حيث أمرها الله على (الجودي) وهو موضع جبل في تركيا أصبح مكانه معلوما على الأرض..
.. وسطعت الشمس..
التعليقات مغلقة.