قهوة المساء : دموع على خدِّ الورد بقلم الأستاذ داوود الاسطل

قهوة المساء : دموع على خدِّ الورد بقلم الأستاذ داوود الاسطل

سأتكلم اليوم عن الطفولة ، أطفال سُرقت طفولتهم ، فكثيرون هم من تحدثوا عن البراءة والجمال والصفاء التي تمتاز بها الطفولة في حياة الإنسان .
الطفولة هي الفترة العمرية من حياة الإنسان ما بين ولادته وبلوغه ( البلوغ يعني بدء مرحلة التكليف الشرعي ) ، وقد ذهب آخرون الى اعتبارها من الولادة وحتى بلوغ الثامنة عشر وهو مرحلة التكليف القانوني .
ما أقصده في مقالي التركيز على أطفال نشأوا وترعرعوا في ظروف غير عادية أفقدتهم طفولتهم ، وحولتهم الى كبار وهم في ريعان الطفولة .
انظر الى طفل مرقع الثياب ، أشعث الرأس يضع لقمة صغيرة في فم أخته ، ليضرب اروع الأمثلة لقوامة الرجل الحقيقي .
انظر الى طفلة صغيرة تخيم على أخيها الذي يصغرها لتحميه من بطش جندي لا يعرف للرحمة بابا ، لتضرب أروع الأمثلة للأمومة الحقيقية .
انظر الى الطفلة التي بصقت في وجه المحتل ، لتعطي أروع مشهد في التحدي والصمود ولترسم لوحة حقيقة لأطفال كبروا قبل أوانهم .
انظر الى الطفل الذي يخرج باكرا ليبحث عن طعام لأبيه المقعد ، او يجلب دواء لأمه المريضة .
انظر الى أطفال يتفززون ليلا ، لأن صوت القصف لا زال أزيزه في آذانهم وأذهانهم ، وانظر الى عيونهم البارقة تزداد جمالا بدموع يذرفونها من صميم قلوبهم ، وكأن قلوبهم كبرت الى حد الألم الحقيقي .
انظر الى ذلك الطفل الذي يعبث بقلمه ليرسم لوحة تجمع كل أدوات القتل والدمار ، ليضاهي بها كبار الرسامين الحالمين .
ان الألم هو ما يصنع الرجولة ولكن في حالتنا التي نحن فيها ، فقد صُنعت الرجولة في قلوب أطفال غابت في قاموس حياتهم معاني الطفولة .
وهم مع ذلك يسترقون من زخرف الحياة ما استطاعوا الوصول اليه بأكفهم الرقيقة ، ويرونةالأمل أمام ناظريهم .
إن الأطفال يتأثرون ببيئتهم سلباً وايجابا ، وأول ما يتأثرون بأسرتهم ، بالوالدين والاخوة والأقرباء ، ومن ثم بالواقع الإجتماعي والإقتصادي والسياسي المحيط بهم ، وهذا الواقع هو الذي يحاصرهم ويحدد مصيرهم .

فلسطين – غزة
24/10/2021