قهوة المساء : الـمـöـ.ـاومة بين النظرية والتطبيق بقلم الأستاذ داوود الاسطل
على مر التاريخ والأزمان تعرضت حقوق الناس للإغتصاب والنهب ، وبذلك انقسم الناس الى قوي وضعيف ، والقوي يأكل الضعيف ، قانون غاب ، ثم تطور الأمر وتكونت القبائل والدول ، وظهرت الزعامات والقيادات ، وتشكلت الجيوش وتعددت الادوات ، وكلها تصب في خدمة الزعماء والملوك والأباطرة وحاشيتهم ، وبدلا من العداء الشخصي – كما حصل مع الأخوين قابيل وهابيل – تطور الأمر الى عداء دولي ، فظهر الاستعمار والاحتلال وظهرت حركات التحرر في الكيانات المغلوب على أمرها ونتج عن ذلك ما يسمى بالـمـöـ.ـاومة .
وهدف الـمـöـ.ـاومة الأساسي هو تحرير الأرض والانسان من الظلم والعبودية والاستبداد .
ودُفعت أثمان كبيرة وزُهقت أنفس كثيرة على هذا الطريق الطويل ، تلك الأنفس سقطت من الطرفين ، الظالم والمظلوم ، وكلاهما يخدم نفس الفكرة ، وهي تحقيق النصر للقادة العظام ، ثم تهدأ المعركة ويستقر الوضع لفترة من الزمن يتم خلالها بناء الحياة المدنية ، لتنعم الشعوب جراء مكتسبات الدماء وعرق المقاتلين .
إن الثـورö في وجه الظلم حق مشروع كفلته الشرائع والقوانين ، وتلاعب الكثيرون في سلوكيات ادارتها ، حتى أضحى العالم بأسره مسرحاً كوميديا ساخرا ، يديره المتنفذون من الفنادق الفارهة ، يتكلمون بلسان الشعوب ولا يعيشون في أوساطهم ، ومن سخرية الأقدار أن الشعوب السحيقة تُسَبِّح بحمدهم وتقدم لهم كل آيات الولاء والطاعة .
الـمـöـ.ـاومة أخلاق ، ولها أدبيات ، ويلزمها عوامل ثبات ، وأهم عوامل ثباتها الحاضنة الشعبية والتي يلزمها دعماً لصمودها وتعزيزا لثباتها وعرفاناً لتضحياتها ، وهذا لا يأتي بالشعارات الجوفاء .
إن أهم مكونات الثـورö هو الإنسان ، فلا فائدة لدولة لا قيمة للإنسان فيها ، ولا فائدة من قائد يقود ثـورö أو دولة ولا يراعي فيها شعبه ولا يتحسس مشاكلهم ولا يعمل على حلها ، فالموضوع ليس فقط ساحة معركة ، وانما الموضوع الحقيقي هو ساحة الحياة التي ينعم فيها الناس بالأمن والأمان والطمأنينة ، لا تضيع فيها حقوقهم ، ولا يُرغمون على العيش فيها كما يرى الزعماء والحكام ، وانما كما يرغبون هم أنفسهم بحرية كاملة .
الـمـöـ.ـاومة ليست بندقية فحسب ، وانما ريشة فنان ومعول فلاح وسماعة طبيب وقلم وقرطاس وتعليم وصحة ورياضة وزراعة وتجارة وصناعة ، وفتاة عاشقة وعامل كادح ، وصبي حالم .
الـمـöـ.ـاومة تربية وأخلاق وطمأنينة وثبات بجانب النزال .
داوود الأسطل
فلسطين – غزة
27/11/2021
التعليقات مغلقة.