قهوة المساء : قواعد السيطرة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
القاعدة الثانية :
( لا تثق بالأصدقاء وتعلم أن تستفيد من الأعداء )
الصداقة من الفضائل العظيمة التي حثَّ عليها الاسلام وقد اتخذ النبي عليه الصلاة والسلام ابا بكر صديقاً مقربا ، وكان له صحابة كرام أجلاء يؤثرونه على أنفسهم .
لكن في مفاهيم العصر الحديث تغيرت الفضائل ، وغلبت المصلحة الشخصية واصبح الناس يتجمعون حول ارتباطات معينة قد يشتركون فيها ، وأسموا تلك الارتباطات صداقة .
وبالعود الى موضوع القاعدة الثانية من قواعد السيطرة فإن المتنفذين عادة يحذرون من أصدقائهم ويعتبرونهم الاكثر قرباً للخيانة بدوافع مختلفة وأن أذى الصديق يكون شديدا وخطيرا ، لذى فهم يفضلون التعامل مع الأعداء أو الخصوم ، حتى انهم إن لم يجدوا أعداء يختلقون لأنفسهم اعداء .
إن المتسلقين لا يؤمنون بالصداقة ، بل انهم ينظرون الى الأصدقاء وكأنهم مطايا يوصلونهم الى مآربهم او يستخدمونهم كأكباش فداء يخفون بهم قذارتهم .
ويجدر السؤال هنا ، أين تكمن المشكلة ؟
الإنسان بطبيعته يحتاج الى اصدقاء يعينوه على تحمل أعباء الحياة ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في الاختيار الصحيح لأولئك الأصدقاء .
وفي الغالب يظن الإنسان ان له أصدقاء كُثر ، ولكن سرعان ما يكتشف عند المواقف الصعبة ، أنهم فقط يتظاهرون بالتوافق لتجنب الخلافات ويخفون في صدورهم مالا يظهروه في سلوكياتهم ، فتراهم يبالغون في الضحك والنكت والدعابة ليرضونك ويخفون خصالهم السيئة .
قال تعالى :
( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف 67
وخلاصة القول أنه يجب الفصل بين الصداقة والعمل ، وأن العلاقات الإنسانية بين البشر مرتبطة بمصالحهم ، وانه لاتوجد صداقة دائمة ولا توجد عداوة دائمة ، وانما الثابت هو المنافع المتبادلة لذا وجب التوسط والإعتدال في العلاقات .
فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: ( أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا ما ، عسى أن يكون بَغِيضَكَ يومًا ما ، وأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا ما ، عسى أن يكونَ حَبِيبَكَ يومًا ما ) .
فلسطين – غزة
30/11/2021
التعليقات مغلقة.