موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

من أساليب الإقناع في القرآن الكريم …عرض حاتم السيد مصيلحي

1٬032

من أساليب الإقناع في القرآن الكريم …

عرض حاتم السيد مصيلحي


تأليف: د. معتصم بابكر مصطفى
ط. كتاب الأمة، العدد 95 ( يوليو) 2003م
عرض وتقديم: حاتم السيد مصيلحي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم يكتف القرآن بمخاطبة العقل، وإنما وضع الإنسان، بكل حواسه ووعيه في المناخ العلمي، ولفت نظره إلى الأشياء من حوله، ودعاه إلى التأمل والنظر فيها، للوصول إلى اكتشاف السنة والقانون الذي ينظمها ولم يقتصر على ذلك، بل دربه أيضا على آليات وكيفيات النظر في الآيات، واستنتاج القانون، الذي هو طريق الوصول إلى الحق: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ..} [فصلت : 53] وقد قدمت رؤية آيات الآفاق في الآية على رؤيتها في الأنفس، لتكون أحد السبل للوصول إليها؛ وهي في النهاية قوانين واحدة منسجمة ومتوازية، مبرأة من الارتطام والاصطدام، الأمر الذي يؤكد أن مصدرها واحد، هو الحق المطلق، سبحانه وتعالى، وبذلك تصبح هذه الحقيقة: الإيمان بالله واجب الوجود من الناحية العقلية.

 لقد جعل القرآن التفكير مفتاح الاستدلال والعلم، وتشكيل القناعة، وإدراك حقائق الدين ووحيه؛ والاجتهاد عبادة مأجورة أصاب الإنسان أم أخطأ.. جعل التفكير فريضة قرآنية، ورفض التعليم بالتلقين، والاعتقاد بالتقليد، واعتبر إيمان المقلد لا يجوز ولا يعفي صاحبه من المسؤولية، وقد تكون الإشكالية اليوم في: أن التعامل مع القرآن لم يتحقق بالمقاصد المطلوبة، ويحقق العبرة والحذر، حيث بدأت علل التدين من الأمم السابقة، التي أصيبت بالتعامل مع كتابها، تتسرب إلى الأمة الإسلامية، أولئك الذين قال الله عنهم:{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة : 78]

أي يعلمونها حفظا وقراءة بلافهم.
ولقد ساعد على ذلك الحال الخلل في مناهج وطرائق التربية وآليات التلقي والتعامل مع القرآن، الأمر الذي أدى للوصول إلى الحالة التي عبر عنها الرسول ﷺ « بذهاب العلم» حتى مع وجود الشهادات والإجازات والحفاظ.
ومن تلك العلل أيضا، ممارسة كهانات رجال الدين، الذين حاولوا احتكار المعرفة والنطق باسم ﷲ، واحتكار حمل الكتاب المقدس، واستغلوا الدين لتحقيق التسلط على الناس، قال الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة : 13] وقال: {… وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ..} [المائدة : 41] فالتحريف الذي أشار إليه تعالى، في أصله حذف لبعض الألفاظ وإبدالها بغيرها ليتغير تبعا لذلك المعنى والحكم والتكليف، والنسيـان: إسقاط لبعض آيات وأحكام الكتاب بشكل متعمد، على الرغم من معرفته والتذكير به..
والخطورة تكمن اليوم في تطور التحريف من صورته الساذجة تلك إلى نوع متقدم، وهو الخروج بالمعنى عما وضع له اللفظ (التأويل) ليوافق المطلوب، ويشكل مسوغا شرعيا لممارسات غير شرعية؛ فبدل أن نكيف سلوكنا مع القرآن، نكيف آيات القرآن ونطوعها ونفسرها على هوانا لتسويغ سلوكنا! والرسولﷺ يقول:« لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» وليس هذا فقط، وإنما محاولات التبعيض والحذف والانتقاص والانتقاء في مناهج التربية والتعليم والإعلام والوعظ والإرشاد، الأمر الذي ينتهي بنا إلى أقصى مراحل الخزي، التي حذر الله منها بقوله: {… أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة : 85].

فالقرآن شفاء للعلل والإصابات، وتصويب للعقل والفكر، ومعالجة لفساد الرأي والجنوح، وإقناعه بالحقائق المطلقة، بالنسبة لرؤيته في الكون والحياة والإنسان، انتهى به إلى الإيمان بالله واجب الوجود عقلا، واستخدم الأدلة البرهانية، وأجاب في خطابه للإنسان عن الأسئلة الكبرى المؤرقة له، والذي العقل أدوات التوصل إليها والإجابة عنها.
استخدم البرهان، والاستدلال، والمقايسة، والمقارنة، كما استخدم القصة لتحقيق العبرة: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ..} [يوسف : 111]
واستخدم التاريخ، ليلفت النظر إلى سنن السقوط والنهوض واطرادها، وملّك الإنسان حقائق علمية يقينية، واستخدم المثل، وخاطب النفس من الداخل وعرض تقلباتها المتنوعة، وأثار الخواطر وسبر أغوارها، وجيش المشاعر، وحرك العاطفة، ونمى الأحاسيس، كما خاطب الإنسان بالمصير، وتحدى بالعواقب والمآلات، واستخدم الحوار والمجادلة، وقدم بعض الحقائق العلمية، ووضع الإنسان على الجادة، وأعطاه دليل رحلة البحث العلمي ومفاتحه، وجعل ذلك تكليفا ومسؤولية.
كما قدم رؤية للمستقبل، وأخبر عن المصير وعالم الغيب، وحكى قصة أطوار الحياة، التي تشكل حقائق يعيشها الإنسان ويلمسها ويشاهدها.

وقد أشار مؤلف الكتاب إلى غايته، وهو الوقوف على الأساليب الإقناعية في القرآن الكريم، وكيفية الاستفادة منها في العمل الإعلامي، بهدف نشر الدعوة الإسلامية في أنحاء العالم كافة، بدلا من أن نكون مستقبلين فقط لبرامج لا تتجانس وعقيدتنا وقيمنا.
وقد جاء في أربعة فصول: خصص الأول منها للحديث عن استراتيجيات الإقناع، فيما جاء الفصل الثاني متناولا استمالات وأساليب الرسالة الإقناعية، أما الفصل الثالث فكان عن القرآن الكريم واستراتيجيات الإقناع، وجاء الفصل الرابع متناولا استراتيجيات الإقناع ونشر الدعوة في العصر الحديث، بالإضافة إلى الخاتمة.
الفصل الأول: استراتيجيات الإقناع:
لفكرة الإقناع الأساسية جذور قديمة، فقبل عصر الاتصالات الجماهيرية بوقت طويل، كان مصطلح (علم البيان) أو ( الفصاحة) يستخدم للإشارة إلى فن استخدام اللغة للتأثير على أحكام الآخرين وسلوكهم، ومن خلال الزمن الذي كان فيه الصوت البشري هو الوسيلة الوحيدة للاتصال، التي يمكن استخدامها لإقناع الناس بتغيير المعتقدات والأعمال، كانت تلك مهارة هامة بالفعل، ومع ازدياد تطور المجتمعات، ازدهر فن الإقناع الشفهي بالكلام الفصيح.
وعملية الإقناع تبدأ من الفكرة وطريقة التعبير عنها وأسلوب نقلها، والربط بين الفكرة والتعبير عنها وكيفية نقلها من الأمور الشائعة بين دارسي الإعلام وخبرائه، وبالرجوع لآرائهم يمكن الخروج بعدة قواعد أساسية تعطي وجهة نظر سائدة:
القاعدة الأولى: أن الكلمات عبارة عن رموز تستعمل للتعبير عن الأشياء أو الأفكار أو المفاهيم أو التجارب أو الأحاسيس.
القاعدة الثانية: أن الكلمة الواحدة من الممكن أن تحمل معاني كثيرة ويكون لها أكثر من استعمال.
القاعدة الثالثة: عند استخدام الرموز الكلامية أو الكلمات الرمزية كدليل لاتصالاتنا العامة أو الخاصة، فإننا غالبا مانعتمد على الشمولية دون التفاصيل.
القاعدة الرابعة: من خلال دورة معاني الكلمات بين الناس وتبادلهم لها، يتحدد المعنى الذي يتصل بالعلاقة بين الرموز أو الموضوعات أو المفاهيم التي تعود عليها.
القاعدة الخامسة: من الكلمات مايمكن أن تكون لها معان ظاهرة وأخرى باطنة.
القاعدة السادسة: تميل الحقيقة إلى الثبات، بينما تتجه اللغة للحركة الميكانيكية.
فهذه هي القواعد التي تربط الفكرة بالتعبير عنها وأسلوب نقلها.

وقد عرض الباحثون ثلاث استراتيجيات نظرية للإقناع، يخاطب كل منها نفس المتغير التابع، وهو السلوك العلني، وتشمل: 

1-الاستراتيجية الدينامية النفسية.
2- الإستراتيجية الثقافية الاجتماعية.
3- استراتيجية إنشاء المعاني.

الفصل الثاني: استمالات وأساليب الإقناع في الرسالة الاتصالية:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات : 13]
من أهم الأسس النظرية التي يقوم عليها علم الاتصال المعاصر، هي النظرية الرياضية للمعلومات، التي تعتمد على التعارف بين الأفراد والمجتمعات والحكومات.. ومثلما أن الاتصال يعتمد على اللغة، وهو الذي يسمى بالاتصال اللفظي، فهناك اتصال غير لفظي يؤدي هو الآخر دورا مهما سواء كان مصاحبا ومكملا للنمط الأول أو مستقلا.
ولقد تجلى ذلك في كثير من الآيات القرآنية، كما في قول الحق تبارك وتعالى مخاطبا نساء النبيﷺ:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} [الأحزاب : 32] فالخضوع هنا بمعنى إمالة الكلام وإلانته، والنهي عن تليين الكلام مرتبط بفاعلية وتأثير هذه الرسالة غير اللفظية، حتى ولو تناقضت مع ظاهر الكلام، بما تثير من توقعات وآمال عند الفساق ذوي القلوب المريضة.

والذي يهمنا من أركان العملية الاتصالية عنصر الرسالة، وماهي السمات الإقناعية لها، فهي مضمون السلوك الاتصالي، فالإنسان يرسل ويستقبل كميات ضخمة ومتنوعة من الرسائل، بعضها يتسم بالخصوصية، مثل: الحركة، والإيماءة، والإشارة، والابتسامة والنظر، وبعضها الآخر يتسم بالعمومية، مثل: الندوات، والمحاضرات، ورسائل الصحف والمجلات…. الخ
وهناك عدة أمور يجب أن نأخذها في الاعتبار بالنسبة للرسالة، منها:
1- لغة الرسالة 2- مضمون الرسالة
3- معالجة الرسالة.
وتتلخص عناصر نجاح الرسالة الإعلامية في الآتي:
أـ أن تهم أكبر عدد ممكن من الجماهير المستقبلة، وأن تشعر هذه الجماهير بحاجتها لموضوع الرسالة، وأن تعالج مشاكلهم، وأن تتناول مختلف قضاياهم.
ب ـ أن تعد الرسالة بما يتناسب والظروف الخاصة التي تحكم كل وسيلة إعلامية.
جـ ـ يجب مراعاة المستويات المختلفة للجمهور المستقبل للرسالة الإعلامية.
د ـ يجب ألا تأتي الرسالة متناقضة مع عادات المجتمع وتقاليده.
هـ ـ أن تتميز الرسالة الإعلامية بالبساطة والوضوح، وأن تستبعد منها العبارات والألفاظ المعقدة والغامضة، لأن الإعلام يعتمد على الكلام الواضح البسيط.

الاستمالات المستخدمة في الرسالة الإقناعية:
1 – الاستمالات العاطفية، وتهدف إلى التأثير على وجدان المتلقي وانفعالاته، وإثارة حاجاته النفسية والاجتماعية، ومخاطبة حواسه، بما يحقق أهداف القائم بالاتصال، وتعتمد على:
استخدام الشعارات والرموز، كما في قوله تعالى{۞ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } [البقرة : 189]
استخدام الأساليب اللغوية، مثل: التشبيه، والاستعارة، والكناية، والاستفهام… كما في قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4].
دلالات الألفاظ، ويقصد بها الحقيقة العرفية للفظ، ويقصد بالدلالة المعنوية، انتقال الذهن من مفهوم اللفظ إلى مايلازمه، ومن ذلك قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص : 62]
صيغ أفعل التفضيل، لترجيح فكرة معينة، أو مفهوم ما، كما في قوله تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [الدخان : 37]
انتقاء مايدل على أن الرأي أو الحكم حقيقة، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : 62]
الاستشهاد بالمصادر، كما في قوله تعالى{فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} [الأنبياء : 58].

2- الاستمالات العقلانية: وتعتمد على مخاطبة عقل المتلقي، وتقديم الحجج والشواهد المنطقية، وتفنيد الآراء المضادة بعد مناقشتها وإظهار جوانبها المختلفة، وتستخدم في ذلك:
أ ـ الاستشهاد بالمعلومات والأحداث الواقعية.
ب ـ تقديم الأرقام والإحصاءات.
جـ ـ بناء النتائج على المقدمات.
دـ تفنيد وجهة النظر الأخرى.
كما في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 258]

3 – استمالات الخوف: وتشير إلى النتائج غير المرغوبة التي تترتب على عدم اعتناق المتلقي لتوصيات القائم بالاتصال، وتؤدي إلى جعل المتلقي يستجيب للرسالة في حالتين:
الأولى: شدة الإثارة العاطفية، والثانية: توقعات الفرد بإمكان تجنب الأخطار، وبالتالي تقليل التوتر العاطفي عند الاستجابة لمحتوى الرسالة.

الفصل الثالث: القرآن الكريم وأساليب الإقناع:
الله تعالى هو المصدر الأول لكل علم: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد : 16]{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات : 96] {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ } [البقرة : 255] ولأن الله سبحانه وتعالى لا تدركه الأبصار، ولا نتلقى منه مباشرة، فقد جعل من دونه مصدرين رئيسين يستقي منهما الإنسان معرفته هما: القرآن والكون.
ـ القرآن والاستراتيجية الدينامية النفسية للإقناع: في القرآن الكريم تقع آيات الترغيب والترهيب ضمن هذه الاستراتيجية، وهي كثيرة جدا، غالبة، طاغية، ومقصدها الزجر من ارتكاب محظور، أو الحث على امتثال مأمور، وغاية الكل صلاح الفرد وفوزه ونجاته من النار، قال تعالى:{إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)} [الإسراء : 9-10]
ـ القرآن والاستراتيجية الثقافية الاجتماعية للإقناع:
ويركز على العلاقات الاجتماعية، ودافعية الانتماء، وحرص الفرد على تقدير الجميع له، بحيث تجعله يتجنب السلوك الذي لا ترضى عنه الجماعة، ويستجيب إلى السلوك الذي يتوافق مع المعايير الاجتماعية التي تتمثل في القيم والتقاليد والأعراف التي تحدد معايير السلوك لدى الجماعة والمجتمع وخصائصه الثقافية،
ومثال ذلك تدرج الأحكام في تحريم الخمر، قال تعالى: {۞ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة : 219] وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } [النساء : 43] وأخيرا قوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91)} [المائدة : 90-91]
ـ القرآن الكريم واستراتيجية إنشاء المعاني:
وفي القرآن الكريم نجد استخداما واسعا لهذه الاستراتيجية، بغرض التغيير وإنشاء معان جديدة تتناسب ومجتمع المسلمين.. ومن المعاني التي جاء بها الإسلام، نجد قول الحق عز وجل:{لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة : 22].

الفصل الرابع: استراتيجيات الإقناع ونشر الدعوة في العصر الحديث:
القرآن الكريم له منهج رشيد في خطاب المدعوين، فالله عز وجل هو خالقهم، وهو أعلم بهم من أنفسهم، فخاطب كل صنف منهم بما يناسبه من التأثير والانفعال النفسي وإثارة الوجدان، وتحريك العواطف حتى ينتج عن ذلك الاستجابة لما يدعون إليه؛ لذا يجب أن يتبع الدعاة في نشر الدعوة كل أسلوب يوصلها قلوب الناس، ويحقق الغاية المطلوبة منها، وعليهم أن يطوروا هذه الأساليب حتى لا تتعارض مع دعوتهم، ولا تصدم بقواعد الدين، قال تعالى:{ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل : 125]

وفي ختام البحث يوجه المؤلف رسالة للمسلمين ألا وهي، ضرورة إحسان التعامل مع وسائل الإعلام، من خلال المقالات، والكتب، والأبحاث، والمعارض، والندوات، والبرامج الإذاعية والتليفزيونية على مستوى يتفاعل مع عقول وأقلام الفكر الغربي، وبهذا وحده سنكون شهداء على الناس، كما كان الرسول ﷺ شهيدا علينا، وإلا نكون ضيعنا الأمانة.

التعليقات مغلقة.