صحوة
بقلم علي جبل
كانت شُعلة تُنِير لهم الطريق، تُذلِل لهُم العَقَبات. سَرى دمها في شرايينِهِم، وأخلاقها في قُلوبِهم، زَرَعت فيهم الضَّمير مُبَكِرا،وَحَّدَت أهدافَهُم، أَلَّفَت بين قلوبِهم، إلاَّ قليلا منهم كانوا يترَصَّدُون لها دائما. كثيرا ما سألوها عن سِر الصندوق الذي دَسَّته في إحدى غرف البيت بعيدا عن عبثهم. كانت تُجيبُ دائما :فيه سِرُ قوَتكُم. وفي ليلة من ليال الشتاء الباردة، والظلام يلف الأرجاء. قرر أحدهم الاستيلاء على الصندوق بما فيه. تسلل داخل البيت يتردد في أذنيه كلمات أمه :فيه سِرُ قوَّتكم. وصل إلى الغرفة، فَكَّر في طريقة لفتح الصندوق. تذَكَّر أنها قالت ذات مرة: إن المفتاح موجود بنفس الغرفة. بدأ يبحث هنا وهناك في أركان الغرفة ومحتوياتها. سيطرت عليه مشاعر الخوف والإضطراب. وبالرغم من برد الشتاء إلاَّ أنه كان يتصبَبُ عرقاً، خوفا من أن يُباغته أحد إخوته ويدخل عليه مُشارِكا له في الخَبِيئَة الثمينة. وبينما هو على حالتِه من البحث والتفكير في الصندوق، وفيما يمتلكَه من قوة عند نجاحه في فتحه والسيطرة على ما فيه. وهل يحوي أموالا سائلة؟ ام يحوي ذهبا؟ أم أوراقا تعطية قوة ونفوذا بامتلاكها؟
بينما هو كذلك إذ دخل عليه أحد إخوته كان يُراقبه ويتَتَبعه دون عِلمه. أتبحث عن المفتاح؟! أتريد فتح الصندوق؟! هل تود امتلاك القوة وحدك؟! لن أتركك وحدك. سأشاركك الغنيمة. وافق مُمْتَعِضا، لامفر من ذلك كي لا يفتَضِح أمرهم. أسرعا في البحث والتحري في كل الأنحاء على ضوء مصباح نوره خافت وضعوه بجوار المنضدة، كل منهما يبحث في ناحية. لمح أحدهما مفتاحا فوق أحد الكتب المهملة على المنضدة، اتجه لاقتناصه مُسرعا، هاجمه أخاه بضربة قوية أطاحت به أرضا، سقط المفتاح على الأرض. حاول كل منهما التقاطه. وفي قمة الصراع دخل عليهما شخصا ما، لطمه أحدهما على وجهه، ثم عاجله الآخر بضربة قوية فوق رأسه، سقط مَغْشيا عليه. اقتربا منه ،تفحَّصَا وجهه، تناول أحدهما المِصباح، وعلى ضوئه الخافت كانت المفاجأة! إنها هي! بكاء..هياج..حسرة.وبعد لحظات مرت كأنها دهرا. بدأ قلبها ينبض، أنفاسها تتدفق، جسدها يتحرك، عيناها تنظر يمينا ويسارا . ياالله! مازالت على قيد الحياة.
أشارت إليهما، أمسكت بيد أحدهما وضعتها في يد الآخر ثم أشارت صوب المنضدة.
قالا بصوت واحد :أتقصدين الكتاب؟!
انتهت.
التعليقات مغلقة.