شخبطة بقلم عبدالله عبد الإله باسلامه
تأكد لي أن أبي أكتشف الأمر !
عندما حملت البضاعة كان الخجل والندم يعتصران قلبي، كنت قبل هذه اللحظة أتحين الفرصة كي أعترف له بأني اختلست، وأن أوضح السبب، وأن أعتذر له…
أما الآن فلا أجرؤ حتى على النظر في عينيه، أو سماع كلمة تأنيب، وهو الذي طالما ربت على كتفي ((قريباً ستصبح رجلاً ياولدي، أتمنى أن أراك تاجراً كبيراً )) .
تمنيت لو سلخني بيده التي لم يصفعني بها قط، أو عاقبني بأي شيء غير بيع السجائر، والمناديل في فرزة السيارات، تحت الشمس، وسط الزحام، بين الغبار، والدخان… لولا أن جاء زبون – بدأ مألوفا لدي – هوّن علي ما أنا فيه؛ فاشترى الكمية كلها، عدت مسرعاً وسلمت المال بسرور إلى يد أبي، وأخذت بضاعة أخرى، ولم تمر ساعة حتى بعتها لنفس الزبون .
قال أبي أنه سيكافئني عن كل قطعة أبيعها، إضافة إلى معاش ( راتب) شهري، ثم سألني بدهشة وإعجاب :
- كيف تبيع البضاعة بهذه السرعة؟!
شعرت بالزهو والسعادة:
- هذا سر المهنة..ابنك أصبح تاجراً محترفاً .
في الأيام التالية شعرت بصعوبة في بيع البضاعة، كما تباعدت زيارة الزبون؛ فكنت أقضي وقتي بالشخبطة على أغلفة قناني الماء، والسجائر، والمناديل.
مر أسبوعان، لم أصدق أبي حين قال وهو يقلب في دفتر الحساب :
- لو استمر الحال هكذا سأصبح مدينا لك، لقد تصاعد رصيدك بسرعة كبيرة، و أرى أنك قد بذلت جهدا طيبا، واكتسبت خبرة تؤهلك لأن تصبح شريكي فما رأيك ؟!
أدركت أنه سامحني فانكببت أقبل يديه ورأسه، وأنا أبكي معتذراً؛ فضمني، ومسح على رأسي :
- ادخل.. ونظم متجرك أيها التاجر المحترف.
شعرت بشوق ونشاط للعمل، لكن..
وفيما أنا منهمك في الترتيب، والتنظيف تفاجأت برؤية (الشخبطة) على كثير من أغلفة قناني الماء، والمناديل، والسجائر !.
عبدالله عبدالإله باسلامه.
اليمن – ذمار .
التعليقات مغلقة.