قهوة المساء : الأمانة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
( أمانة الحكم والتعيينات والحقوق العامة )
قال تعالى :
( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الأحزاب 72
فالأمانة هي كلّ ما يلزم على الإنسان أداؤه وحفظه ، وتشمل أمانة التكليف وحفظ الأسرار وعدم الاعتداء واعطاء الحقوق المادية والمعنوية ، وأمانة الحكم والتعيينات ، وأمانة الكلام والأداء ، وامانة الوالدين والأولاد ، وامانة المعاملات ، وامانة البيع والشراء . .. الخ .
ساتناول في مقالي الحديث عن أمانة الحكم والتعيينات والحقوق العامة .
روى البخاري في صحيحه :
(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يُحَدِّثُ ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ ، فَكَرِهَ مَا قَالَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ
« أَيْنَ – أُرَاهُ – السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ » ، قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ « فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » .
قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا ؟
قَالَ : ( إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ )
الخيانة هي عكس الأمانة ، وإن من أعظم الخيانات إسناد الأمور إلى غير أهلها ، لما في ذلك من الظّلم للأكفاء بعدم وضعهم في موضعهم ، بدل ويعتبر ذلك خيانة للوطن وخدمة لأعدائه .
إن ضياع الأمانات ، وانتشار الخيانات ، دليل على الفساد العام الذي يؤدي الى انقلاب الموازين وتبدل الأحوال ، ونكران حقوق الناس ، والتنكر لنضالهم ، والتهرب من أداء حقوقهم بل ومصادرتها أحيانا .
وإن من أهم مظاهر تضييع الأمانات ، إسناد أمور الناس من الوظائف على اختلافها إلى غير أهلها القادرين على تسييرها ، والمحافظة عليها ، لأن في ذلك تضييعاً لحقوق المواطنين ، واستخفافاً بمصالحهم وحقوقهم , وإيلاما لصدورهم ، وإثارة للفتن والحسد والبغضاء بينهم .
فأمانة المسؤول أمانة عظيمة، لاختيار الأصلح لكلّ عمل، دون مراعاة أو محاباة لأحد ، ودون تقديم صديق أو قريب او صاحب مال او مصلحة على أصحاب الكفاءة والعلم والخبرة .
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (58) النساء
بالأمانة تكون الهيبة التي تبعث بالطمأنينة بين أفراد المجتمع ، والسائد اليوم هو ضياع الهيبة التي خلفت تفسخا في النسيج المجتمعي وحل محلها الخوف والانصياع بقوة السلاح والتنكيل والتحكم في مصير الناس بأدوات القوة المختلفة .
فلسطين – غزة
10/12/2021
التعليقات مغلقة.