موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

في عنبر المستشفى ابراهيم مصري النهر

117

في عنبر المستشفى ابراهيم مصري النهر


جاء في الصباح إلى عيادة مستشفى الصدر شاب في العشرينات من عمره؛ تظهر من جيب قميصه الشفاف ملامح علبة سجائر، وسيم برغم التعب والهزال البادي عليه والشحوب الذي غطى محياه الجميل، شعر أسود وناعم وطويل تتدلى خصلات منه على جبينه، وحاجبان سميكان وملتصقان، وعينان واسعتان ودعجاوان وإن كان يكسوهما الذبول، يسعل بشدة وباستمرار وكلما سعل نفث دما.
بعد الكشف عليه شك الطبيب في إصابته بميكروب الدرن الرئوي ”ميكروب خطير يدمر الرئة ويحولها إلى تجاويف ممتلئة بالصديد والدم والخلايا التالفة، وإن لم يُعالج المصاب خلال أيام معدودة قد يودي بحياته، كانوا يطلقون عليه قديما الطاعون الأسود حتى تم إكتشاف علاج نوعي له في منتصف القرن العشرين تقريبا“.
طلب الطبيب إجراء أشعة على الصدر وفحوصات معملية وصبغة بصاق لتأكيد التشخيص.. بعد نصف ساعة خرجت نتائج الفحوصات المطلوبة تؤكد شك الطبيب، وصبغة البصاق إيجابية ما يفيد بأن هذا المريض معدٍ لمخالطيه ويجب حجزه بالمستشفى لكسر دائرة العدوى.
استدعى الطبيب المريض وأخبره بحقيقة مرضه ومدى خطورته ومضاعفاته إن لم يتوقف فورا عن التدخين، كما أنه يلزمه الحجز بالمستشفى للانتظام فى أخذ العلاج، والنوم المبكر، والأكل الصحي، وأيضا حفاظا على مخالطيه والناس الذين يتعاملون معه في الخارج، وذلك لمدة خمسة عشر يوما على الأقل حتى يتحول إلى سلبي البصاق.
اقتنع المريض بأهمية حجزه واصطحبته الممرضة المكلفة بتطبيق علاجه ومعها ملفه إلى سريره في الطابق الثاني، طابق مرضى العزل.. أثناء صعود الدرج تعثر الشاب ووقع؛ أسرعت الممرضة إليه وساعدته في الوقوف وأسندت ذراعه على كتفها وهي تحثه على الصبر والتحمل وتبث فيه الأمل والتفاؤل بالشفاء التام قريبا إن شاء الله.
أراحته على سريره وناولته الدواء بالماء بعدما تناول وجبة الغداء، وظلت أسبوع تمر عليه أكثر من خمس مرات يوميا، وفي كل مرة تداعبه حتى يضحك وتظهر نواجذه.
تحسنت حالته سريعا وتعلق بها كثيرا وظل ينتظر مرورها ويستدعيها بدون داعٍ مختلقا أسبابا واهية، فعندما يراها يشعر بلذة كلذة الطائع عند إتمام طاعته، أو بنشوة كنشوة المدمن عند تعاطيه جرعة بعد غياب.
قرر في ليلة أضناه فيها السهر وأرَّقه السهاد أن يصارحها بما يشعر به نحوها، وخصوصا بعدما لاحظ رفاق العنبر اهتمامه وتعلقه الشديد بها.
في الصباح صارحها بعد تردد بصوت متهدج وضعيف وهو ينظر إلى الأرض، ردت الممرضة عليه بصوت محتد ونبرة عالية: الزم غرسك أيها المريض، لا تتعد حدودك، أنت بالنسبة لي مريض لا أكثر ولا أقل، وما أقوم به نحوك واجبك عليّ كمريض.. وخرجت وهي تزمجر بعبارات الغضب.
احمر وجهه واعتراه الخجل، وامتلأت عيناه بالدموع التي تجمدت فوق المقل، لا يراها إلا قريب.
واختلفت ردات فعل المرضى في العنبر؛ بدأ الهمز واللمز وعلت الضحكات الساخرة من البعض، والبعض جاءه يواسيه ويوضح له خطأه الذي وقع فيه، وآخرون لا يدرون أصلا ما يحدث حولهم فعندهم من المرض ما يلهيهم وأكثر.
كاد الشعور بالإهانة أن يقتل الشاب الذي قضى ليلته يفكر في طريقة للثأر والانتقام لكرامته التي مسحت بها بلاط العنبر تلك الممرضة المتغطرسة.. في أخر المطاف، هداه شيطانه إلى فكرة إبليسيه بعدما وقعت عيناه على كيس التفاح الأمريكاني الذي أتى به أحد أقاربه اليوم في الزيارة، أخذ أنضج وأكبر ثمرة فيه، وبصق في كوب بجانبه، وسحبه في سرنجة، وحقنه في الثمرة المختارة، وهو يتمتم: سأسقيك من نفس الكأس الذي أبعدني عنك وخوفك مني، وجلس ينتظر لحظة التشفي والأخذ بالثأر.. لم ينتظر طويلا وسمع دبيب أقدامها وصوتها الذي ألفته أذنيه تتحدث مع زميلتها في الطرقة، اعتدل في سريره، وعندما اقتربت منه هرب بعينيه من الالتقاء بعينيها إلى سقف العنبر تارة وإلى بلاطه تارة أخرى، وبادرها بالاعتذار وتأسف على ما بدر منه بصوت متذلل خفيض.. تقبلت الممرضة اعتذاره وعادت إلى طبيعتها معه، ووضعت يدها تحت ذقنه ورفعت رأسه إلى أعلى وقالت:
-لا عليك.

  • يعني صافي يا لبن.
    -حليب يا قشطة.
    -إذن خذي هذه التفاحة دليلا على الصفاء..وتبسم.
    أخذت التفاحة، وقالت: أشعر بالجوع الشديد، جاءت في معادها.. سأكلها حالا.. ولوحت له بيدها التي بها التفاحة وأدلفت إلى ردهة المستشفى، وتقاسمتها مع زميلة الدوام.
    أكلت التفاحة..
    وبدأ تأنيب الضمير يزداد يوما بعد يوم، ويلف حول عنق الشاب حبلا أثناء نومه ويشده بقوة؛ يستيقظ مفزوعا ينزع بيديه حبلا لا وجود له.. ظل هكذا بين تأنيب الضمير وبين خوفه من مصارحتها بفعلته الشنيعة ينتظر النتيجة.. بعد شهر تقريبا تغيبت عن العمل.. أصيبت.
    ساورها الشك في تلك التفاحة التي أخذتها من ذاك الشاب..
    وعندما تزامن ذلك مع إصابة زميلتها التي شاطرتها إياها؛ ازداد الشك.. ولكن أنَّى لها أن تتأكد؟!
    د. إبراهيم مصري النهر

التعليقات مغلقة.