ليلة الكريسماس بقلم محمد كسبه
يبكي الطفل ياسر ذو العشرة سنوات لوالده الدكتور أشرف و يلح عليه أن يزور أخته جوليا .
الأب – يا بني ليس لك اخت أنت وحيد.
ياسر – يا أبي لست وحيدا ، أختي جوليا ما زالت على قيد الحياة ، هي الآن تجاوزت الستين من عمرها .
يا بني أنا والدك و عمري الآن ثمانية و ثلاثون عاما و أمك عمرها اثنان وثلاثون عاما فكيف يكون لك اخت بهذا العمر ؟
انا أخبرتك من قبل أن اسمي بيتر و قد توفيت في حادث غرق سفينة في البحر المتوسط قبالة شواطئ إيطاليا .
و لم كنت ذاهبا إلى إيطاليا ؟
كنت مهاجر غير شرعي للبحث عن عمل .
ياسر يا ابني ما تقوله ليس صحيحا ، أعرف أنك تعاني من هلاوس و اضطرابات نفسية منذ صغرك .
و قد تحدثت معك في هذا الأمر من قبل ، بل إن الدكتور النفسي أكد لي أنه بمرور الوقت ستتعافى و تنسى كل هذه القصص التي ترددها ( السفينة نيجار ٢ , أسماك القرش ، أصدقاؤك الهاربون معك مارك و باولو و سميح ) كل هذه القصص سمعتها كثيرا .
الأم – حبيبي ياسر أرجوك أن تكف عن هذا ، كلامك يمزق قلبي و يشعرني بالخوف من المجهول .
يا أمي غدا ليلة الكريسماس و أختي جوليا تشعل الشموع كل يوم تدعو الرب و العذراء بأن تراني قبل أن تموت .
اريد ان أراها… أكلمها و أن ارتمي في حضنها ، أكثر من أربعين عاما معضت و ما زلت أشتاق لها ، و أنا على يقين أنها على قيد الحياة .
الأم تبكي و الأب متحير ، الأمر معقد .
يا أبي ما المانع أن نزورها فأنا أعرف العنوان جيدا ، فهي تزوجت قبل أن أموت بثلاث سنوات و ما زالت تسكن في نفس الشارع بالقرب من الكنيسة .
الأب و الأم قرروا السفر للإسكندرية لكي يضعوا حلا لهذه المأساة التي يعيشها ابنهم .
في الإسكندرية الطفل ياسر يقارن بين ماضي و حاضر الأماكن ، يسرد القصص التي حدثت بينه و بين أصدقائه ، و يصلي و يدعو المسيح أن يقدس روح والديه المتوفين .
الأب و الأم في دهشة و ذهول ، أثناء سيرهم في محطة الرمل توقف ياسر أمام فندق قديم و جرى بسرعة للداخل.
رأى صديقه سامح فاحتضنه بشدة .
اندهش سامح و تعجب ، بدأ ياسر يحكي للعجوز سامح عن طفولتهما و عن الغرفة السرية في الفندق و عن ادق اسرار نزلاء الفندق من أخ.
سامح – إن كل ما حكاه بيتر حقيقي و حدث بالفعل.
لكن بيتر مات في حادث غرق السفينة نيجار ٢ في الثمانينات.
ودع ياسر صديقه العجوز و وعده بأن يزوره قريبا.
ياسر – هيا يا أبي نشترى هدية لأختي جوليا فاليوم عيد الميلاد.
وصلوا جميعا إلى المنزل القديم ، بسرعة انطلق ياسر كالسهم صعد السلم و طرق الباب ، بمجرد أن فتح الباب جرى في أنحاء الشقة ، وجد امرأة عجوز تبكي و تصلي للرب أمام الشموع و صورة العذراء .
سمعت صوت أخيها بيتر لم تتمالك نفسها ، احتضنته بقوة و ظلت تبكي و تضحك و تشكر الرب.
أشارت لهم إلى صور بيتر على الحائط ، لكن ما لفت انتباههم صورة تحمل نفس ملامحه بالأبيض و الأسود معلقة على شجرة الميلاد في ركن الغرفة .
جلسا يتحدثان سويا عن ذكرياتهما و عن أحوال الدنيا
التعليقات مغلقة.