زلزال بقلم أسـمـاء الـبـيـطـار
زلزال بقلم أسـمـاء الـبـيـطـار
لم أجد عنواناً أنسب من ذلك و لكن هذه المرة لن نقيسه بمقياس ريختر و لكن سنقيسه بما وصلنا إليه .
في مقال سابق قولت ( قُلتُ ) أن الأسوأ من الفعل هو اختلاق العذر ، فغالباً يكون كل القبح في هذه الأعذار التي تُبيح الفعل و تجعله سهلا لمن تسول له نفسه ، و بدلاً من أن نتبع القيم و الأخلاق الحميدة ، نأخذ أحكامنا و أعذارنا من فسادٍ بيَّن !
لن أُطيلَ عليكم و لكنها مقدمة كان لابد منها لنعلم إلى أين نحن ذاهبون
(إن الأبناء ) في أصول التربية الصحيحة كانوا يقلدون الآباء ، و كانت التربية بالنقل غير المباشر للأفعال و الكلمات و العبادات ؛ فالآباء حريصون في أفعالهم أمام الأبناء ، لذلك كنا نجد جيلا كاملا و كأنه نسخة مُصغرة من (آبائهم ) و أجدادهم .
و لم يختلف الوضع في البيت عن المدرسة ، فكانت المنظومة شبه متكاملة .
و شيئاً فشيء خرجت علينا أفلام و مسرحيات تقلل من شأن القيم التي تربينا عليها فنجد مشهد يعلم فيه الأب الابن الكذب و للأسف بنفس الطريقة ( الغير ) مباشرة عندما يرن جرس الهاتف فيقول الأب لابنه : “قوله بابا مش موجود ؟! “
و لأنه طفل ( سليم الفطرة ) يرد على المتصل و يقول له : “بيقولك بابا هو مش موجود . “
أخذنا الموضوع بشئ من السخرية فأصبح يتكرر المشهد لأنه عجب الناس ؟!
و في مشاهد (لاحقة) نجد الابن وقد برع في الكذب حتى نال (استحسان) الأب؟!
(و انتقل )الأمر إلى المسرح و هز صورة الأب و المدرس بحجة أن العيال كبرت ؟!
( فقد) الأب و المدرس هيبتهما و بدأت الأمور في الانحدار و الانحراف الأخلاقي .
فاصبح الولد يُدخن في حضرة أبيه بحجة (أنهم )أصحاب ، و المُدرسة ترقص في وسط طُلابها و طاقم التدريس بحجة أنهم في رحلة ؟!
أي.. تربية هذه و أي تعليم هذا ؟!
أي.. أب هذا الذي يُعلم إبنه الكذب و ( كيفية الإمساك بالسيجارة ) و الرد على أمه كي يكون ابن أبيه و رجل البيت ؟!
أي.. أم هذه التي تسمح لابنتها بإظهار مفاتنها ( خاصة) في المناسبات كي يدق بابها ابن الحلال ؟!
أي.. معلمة هذه التي تقدم وصلة رقص ” خليعة ” على مركب أو في حديقة بحجة إنها في رحلة و منتظرة نظرة احترام من ولي أمر أو حتى طالب !!
أي.. معلم هذا الذي يعقد الشال على خصره في حضرة هيئة التدريس و الطلاب ؟!
(أي )عدل هذا عندما نقارن أفعال معلم بصاحب السجادة الحمراء ؟!
(أي ) ظلم هذا عندما نقارن ” الثرى بالثريا ” ؟!
أي.. عقل هذا الذي يترك الفعل ، و يُمسك برد الفعل سواء بالنقل المباشر بأي وسيلة كانت ، أو بالحديث ، أو بتقديم شكوى ؟!
الزلزال لم يكن في الأفعال فقط ، و لكن في التوابع التي أحلت و أقنعت لمجرد الانتماء ، أو التعاطف ، أو المقارنة غير العادلة أو أو أو ؟!
تربية الأجيال تحتاج إلى تربة صالحة و منظومة متكاملة و لن ننعم بأجيال صالحة إذا إختلت المنظومة و قامت على جانب واحد ، حتى و إن كان البيت بكل أصوله و قيمه .
فالأب المعلم الأول ، و المعلم الأب الثاني ، و صاحب السجادة الحمراء يجب أن يكون صاحب رسالة تبني لا تهدم ما غرسه
الأب المعلم و المعلم الأب .
التعليقات مغلقة.