في جهاد الصحابة.. الحلقة / 627 عبدالله بن عباس بن عبد المطلب”.. الحبر الفقيه.. ثاني العبدليين” – 6 بقلم / مجدي سـالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة / 627 عبدالله بن عباس بن عبد المطلب”.. “الحبر الفقيه.. ثاني العبدليين” – 6
بقلم / مجدي سـالم
حادي عشر.. دروس في التحقيق وحُجّية تفسير ابن عباس.. نكمل..
ذُكرت روايات ابن عباس في كتب التفسير.. ولكن بدرجات متفاوتة وفقاً لصحة الرواية وضعفها.. وتنوّع المفسرون في تضمين روايات ابن عباس التفسيرية في كتب التفسير.. فكانوا ثلاثة أنواع:
أولهم.. علماء ذكروا كل ما رُويَ عن ابن عباس.. حتى الروايات الضعيفة والمكذوبة.. ومن هؤلاء المفسرين الواحدي الذي جعل الأولويّة لتفسير ابن عباس.. وقال “وأبتدئ في كل آية عند التفسير بقول ابن عباس ما وجدتُ له نصّاً”.. بغض النظر عن صحة الرواية وضعفها..
ثانيهم.. علماء لم يذكروا إلا الصحيح من روايات التفسير لابن عباس.. ولكنهم لم يرووا عنه إلا القليل.. كالبخاري ومسلم..
ثالثهم.. علماء ذكروا الروايات الصحيحة والضعيفة وتجنبوا الروايات المكذوبة.. ومن هؤلاء ابن جرير الطبري..
ثاني عشر.. في رواية عن مولده ونشأته.. ونبؤة رسول الله صلى الله عليه وسلم له..
يقول فيه “صحابة رسولنا”.. هو عَبْدُ اللّهِ بنِ عَباسِ بنِ عبد المُطَّلِبِ.. القُرَشِيّ الهاشمي.. ابنُ عَمِّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. يُسمَّى حَبْرُ الأُمة.. من كثرة عِلْمِه.. وكان يقال له: حبر العرب؛ ويقال: إن الذي لقبه بذلك جرجير ملك المغرب.. وكان قد غزا مع عبد الله بن أبي سَرْح إفريقية.. فتكلم مع جرجير فقال له: ما ينبغي إلا أن تكون حبر العرب؛ ذكر ذلك ابن دُرَيد في الأخبار المنثورة له.. ويُكْنَى أبا العبّاس..
وأنه وُلِد ابن عباس بينما بنو هاشم بالشِّعْبِ.. فأُتِيَ به النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم فحنكه بريقه..
وذلك قبل الهجرة بثلاث.. وقيل: بخمس.. والأول أثبت.. وهو يقارب ما في الصحيحين عنه.. قال ابن عباس: مررتُ في حجة الوداع على حِمَار أنا والفضل.. وقد راهقت يومئذ الاحتلام.. والنبي صَلَّى الله عليه وسلم يصلي بالناس فدخلنا في الصف.. وتركنا الحمار أمام الناس فلم يُنكر علينا..
قال محمد بن عمر في الطبقات: لا اختلاف عند أهل العلم أن ابن عباس وُلد في الشِّعب.. وبنو هاشم محصورون.. فوُلد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير.. وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين.. فتوفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة.. ألا تراه يقول في حديث مالك.. عن الزهري.. عن عُبيد الله بن عبد الله: راهقت الاحتلام في حجة الوداع..
قال ابن الأثير: وهذا أثبت مما ُروى عن سَعيد بن جُبَير في سِنّه؛ فقد روى سعيد بن جُبَير.. عن ابن عباس.. قال: توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر حِجج.. وقرأتُ المحكَم على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يعني المُفَصَّل..
وروى سعيد بن جُبير.. عن ابن عباس.. قال: إن الذي تَدعون المُفَصَّل هو المُحْكَم.. وقال سعيد بن جبير: سُئل ابن عباس مثل من كنت يوم توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: أنا يومئذ مختون.. وفي رواية: وكانوا لا يختنون الرجلَ حتى يُدرك.. وفي رواية: قُبِض وأنا ابنُ عشر سنين؛ وهذا محمول على إلغاء الكسر..
أمّه أم الفضل وهي لُبابة الكبرى بنت الحارث بن حَزْن.. وهو ابن خالة خالد بن الوليد.. وقال عبيد الله بن أبي يزيد: سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين.. وأنا ممن قدّم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضَعَفَة أهله..
وروى موسى بن ميسرة ــ وهو خال ثور.. وكان يكنى موسى أبا عروة ــ أن العباس بن عبد المطلب أرسل ابنه عبد الله إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم يكلمه بحاجة فوجد عنده رجلًا فرجع فلم يكلمه من أجل مكان الرجل معه.. فلقي النبيَ صَلَّى الله عليه وسلم العباسُ بعد ذلك فقال: أرسلت إليك ابني فوجد عندك رجلًا فلم يستطع أن يكلمك فرجع.. قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: “وقد رآه؟” فقال العباس: نعم. قال: “وتدري مَن ذلك الرجل؟ قال: لا.. قال صلى الله عليه وسلم.. ” ذلك جبريل عليه الصلاة والسلام.. لعسى أن لا يموت ابنك حتى يؤتى علمًا ويذهب بصره”..
روى عمار بن أبي عمار.. عن ابن عباس.. قال: كنت عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مع أبي.. ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مقبل على رجل يناجيه.. وهو كالمعرض عن العباس.. فلما خرجنا قال لي أبي: ألم تر إلى ابن عمك كالمعرض عني؟! فقلت: ياأبتِ إنه كان عنده رجل يناجيه.. فقال: أَوَ كان عنده أحد؟
قلت: نعم.. فرجعنا فقال: يارسول الله إني قلت لعبد الله كذا وكذا فقال: إنه كان عندك رجلٌ يناجيك.. فهل كان عندك أحد؟ قال: “وهل رأيته ياعبد الله؟” قلت: نعم: قال: “ذاك جبريل وهو الذي كان شغلني عنك”..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.