قراءة انطباعية في ومضة قصصية بقلم : عاشور زكي وهبة
والومضة القصصية للكاتب المغربي Ahmed Ait Daoud
استغلال
ارتقوا المنابر؛ امتلأتِ المقابر.
العنوان: ( استغلال ) عتبة النص والمدخل إلى سبر أغواره..استغلال مصدر من فعل سداسي (استغلّ)..أنواع الاستغلال كثيرة، منها الإيجابي ومنها السلبي.
الاستغلال الإيجابي: مثل استغلال المرء لقدراته وطاقاته فيما يفيد نفسه ومجتمعه.
أو استغلال الأرض وإصلاحها بزراعتها واستخراج الثروات من باطنها، مما يؤدي إلى عمران الأرض.
الاستغلال السلبي: يتمثل في احتكار الثروات وخيرات البلدان أواهدارها فيما لا يفيد الشعوب.
استغلال النفوذ أو السلطة أو القوة في الطغيان على حقوق البلاد والعباد.
استغلال الدين والإتجار به للوصول للسلطة أو الإضرار بالمجتمعات والدخول بها في حروب أهلية أو طائفية تؤدي إلى تشظى البلدان وتفتتها والإضرار بالسلام الاجتماعي.
كل هذا يفتحه لنا العنوان…
صدر الومضة: ارتقوا المنابر.
الارتقاء: يحمل من معانيه السمو والعلو والشموخ.
المنابر: جمع منبر، وهو الذي يرتقيه خطباء المساجد عادة أيام الجمع ليخطب في المصلين.
ولكن هناك منابر أخرى تختلف عن منابر المساجد وهي ( المنابر الإعلامية ) المتعلقة بوسائل الإعلام المسموعة أو المقروءة أو المرئية في الراديو والصحافة والتليفزيون يمتطيها إذاعيون أو مذيعون أو صحفيون مفوَّهون لديهم قدرة فائقة على التأثير في الجماهير الغفيرة سلبًا أو إيجابًا.
زد على ذلك الثورة التكتولوجية الهائلة في وسائل الإتصال والتواصل الاجتماعي ( الإنترنت ) وتطبيقاته المتنوعة: فيسبوك ويوتيوب…إلخ. مما زاد من فتح منابر أخرى ذات آثار جليلة أو مرعبة على المستخدمين وتحريكهم كبيادق الشطرنج أو الدمى لتنفيذ مخططات وأجندات متضاربة.
إذن نحن أمام كم هائل من مرتقي المنابر الدينية أو الإعلامية أو الاجتماعية؛ ماذا فعل المرتقون؟!
عجز الومضة: امتلأت المقابر.
لفظة ( امتلأ ) توحي بالتشبع و الكمال.
ما الذي امتلأ؟ هل العقول أم البطون أم الأفئدة بالعمران أو العلم أو الإيمان؟
المفارقة: أن نجد ثمرة كل هذه المنابر الصادحة والمجلجلة والصاخبة في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي ومنابر الخطباء الدينيين؛ ليس علمًا وإيمانًا ويقينًا؛ بل جماجم تعمر المقابر؛ بدلًا عن عقول تعمر الأرض العمار.
إذن هذا يجعلنا نعود إلى العنوان ( استغلال ).
نحن أمام فئة من خطباء الفتنة الذين يستغلون فصاحتهم وسلطتهم في اعتلاء المنابر الموجهة ذات التأثير السلبي في جمهور الغافلين المفتونين بأدلة وبراهين خطباء الشيطان في إحداث الفتن والحروب الأهلية والطائفية لتفتيت الدول إلى دويلات متناحرة..فتن لا تُبقي ولا تذر، تأكل الأخصر واليابس. تكون الشعوب ضحايا إما ساكني مقابر أو مخيمات الإيواء واللجوء في دول الجوار التي لكل منها أجنداته وأطماعه يبغي الحصول عليها على أشلاء وضحايا خطباء الفتنة العملاء…
التكثيف: الومضة مكثفة للغاية، إذ تشكل بالعنوان خمس كلمات فقط.
البلاغة: الفعلان ارتقوا وامتلات، الأول يعبر عن الارتقاء والثاني عن الامتلاء.
يوجد بين المنابر والمقابر جرس موسيقي تطرب له الأذن.
أحيي الأستاذ Ahmed Ait Daoud على ومضته البليغة، وأتمنى لكم قراءة ممتعة..في أمان الله.
التعليقات مغلقة.