موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

قراءة لومضة ( رثاء ) للناقد الأدبي اللبناني: أيوب مرعي أبو زور

205

قراءة لومضة ( رثاء )

للناقد الأدبي اللبناني: أيوب مرعي أبو زور

قراءة لومضتي ( رثاء ) للناقد الأدبي اللبناني: أيوب مرعي أبو زور
رثاءٌ
بَكَتِ الطفولةُ؛ كَبَتِ الرجولةُ.
(عاشور زكي أبو إسلام)

.

يمكننا القول بثقة أننا أمام ومضة مكتملة الأركان تامة.
_ عنوان نجح في أن يشكل مدخلا للنص.
_ مقدمة مكثفة متماسكة وموحية تفوح منها رائحة المشاعر الإنسانية.
_ قفلة تبرز بقوة تضادا ومّاض مدّعم بذكاء بجناس لفظي غير تام وسجع جميل الوقع على الأسماع.

*العنوان (رثاء): كما هو معروف يشكل العنوان مدخلا لعوالم النص، ويشبه نظرة خاطفة (اختلاس للنظر) إن صح القول. (رثاء) عنوان غني بالمعاني، ثري بالإيحاءات، غزير الدلالات، يضعنا وجها لوجه أمام حقيقة سرمدية، تتكشف ملامحها مع كل غياب شمس وخسران أمل، وفقدان غالي، ليدخلنا إلى أعماق الطبيعة الإنسانية من بابها الواسع، حيث المشاعر هي الربان، واليوم كما الماضي استمرار لمسار من الخيبات المتشبعة فيها دروب الحياة عند كل منعطف. وبذلك يكون العنوان هيأنا نفسيا لا بل شحننا عاطفيا قبيل الدخول بنا إلى النص.
*المقدمة (بكت الطفولة) : استهل الكاتب نصه بجملة تقريري، مكثفة، واضحة، بسيطة، سهلة التراكيب، سبكها بذكاء، واعتنى بانتقاء مفردتيها بحكمة، وصاغها بسلاسة، وحرص على نجاتها من ابتلاء الضمائر، ويتكشف لنا ذلك جليا كلما تتبعنا إيحاءاتها التي ترتسم بذهن القارئ.
أراد الكاتب من استخدام فعل (بكى) أن يحمّل كلامه معنيين: الأول مباشرا يوصف حالة البكاء الذي تترجم بذرف الدموع حزنا أو ألما أو ربما جوعا في حالة الأطفال مثلا، أما المعنى الثاني فقد حمّله بعدا أخلاقيا، معنويا، فكريا، ليقول لنا بأن الطفولة قيمة وليست مجرد كائن ضعيف مغلوب على أمره، وبأن القيم عندما تتعرض للأذى تتألم وتدمع. وهذا ما يؤكد لنا حنكة الكاتب في إختيار مفرداته وصياغتها لتخدم الهدف الذي يريده، وهذا ليزيد مقدمته غنا وقيمة فلم يقل مثلا (بكى الأطفال) بل اختيار لفظة “الطفولة” لكونها تختزن في طيات صياغتها ونغم حروفها بعدا شموليا في الزمان والمكان، ليبقينا في المسار عينه، لإدراكنا أن القيم تكون أو لا تكون دون الالتفات لحيز الوقت الذي تقارب فيه ومكانه،

*القفلة (كبت الرجولة): جاء الرد في الشطر الثاني من النص مباغتا، من حيث الشكل مكثفا على هيئة جملة فعلية مكتملة الأركان قوامها مفردتين خاليتين الضمائر التي تغيّب بعض عناصر القص وتجهلهم إذ تحضر. ومن حيث المعنى كان مُركزا، حاملا زخم الومض بوضوح تام. فبالرغم من فعل البكاء الذي ابتدأ به القص، جاءت الإجابة أو رد الفعل على غير المتوقع، حيث أن لا الشهامة العربية، ولا الحمية ولا النخوة استجابت في صدور الرجال، أهي مفقودة؟ أم أنها صمّت عن الغوث، أرادوا اغتيال نقاء الطفولة وتشويه صورة مستقبل الحياة، فصوبوا نحو أمل المستقبل سهام بغضهم وغيرتهم، ألعلمهم المسبق بأن الرجولة قد كبت عند أهل الضاد! أم أنهم أخضوعهم لسطوة عجزت قوانين الرجولة أن تكسرها، أيريد أن يقول لنا الكاتب بأن بكاء الطفولة وكبوة الرجولة صنوان! أم أن الطفولة البكاءة تلك ليست إلا انعكاس الرجولة المنهزمة أمام مرآة الزمن في عيون الأجيال؟

وبما أننا نعيش في عالم تحكمه طغمة ظالمة تتبع قوانينا لا تعترف بقيم الحق والخير والجمال لكنها تستميت لأجل اكتساب القوة والسلطة، ونشهد نتائجه بالقتل والدمار والحروب، وتأثيرات كل ذلك على الطفولة جمعاء، وعلى الرجولة المنهزمة أمام آلة الشر الفتاكة، فيصير الحق مضطهدا والإستقامة منبوذة، وهذا يعيدنا مباشرة للعنوان (رثاء)، حيث نجد التضاد واضحا شكلا ما بين الطفولة ( الضعف، قلة الحيلة، الحاجة للحماية،الخ…) والرجولة (القوة، الشجاعة، الشهامة، النخوة، الخ…) ومن جهة اخرى نجد الجناس اللفظي الغير مكتمل شكلا ( بكت/ كبت) لكنه بعمقه تطابق معنوي لحال الطفولة وللرجولة أمام هذا الواقع المعاش.
.
تحياتي وتقديري للكاتب المبدع.

التعليقات مغلقة.