موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

برنامج قصة حياة ” البيت” تأليف و أداء و إخراج : حسين الجندي

227

برنامج قصة حياة ” البيت” تأليف و أداء و إخراج : حسين الجندي

قصة قصيرة : البيت بسن قلم حسين الجندي

بعد مرورأقل من شهرين على وفاة الأب
ظهرت الديون!
فقد عودهم الأب في حياته على الترف،حتى حطت عليه الدنيا فاضطر إلى الاستدانة!

لم يجدوا مفرا من بيع البيت وصاروا من أصحاب السكن!

مرت السنون ثقيلة والظروف المادية تزداد صعوبة..

تزوج الأولاد وصار لكل واحد منهم أسرة ومشروعا صغيرا يكاد يكفيها..

تفرقوا في أصقاع المعمورة،
لكنهم حرصوا على تنفيذ وصية والدهم بالتجمع يوم الإجازة..

كان تجمعهم غائظا لكل حاقد وكائد!

استطاع أكبرهم ( سامر) أن يبني بيته فصار قبلة لهم..

لقد حقق حلم الوالد الذي طالما تمناه..

تسعة عشر عاما قضاها في عذاب اللا بَيْت،يخشى أن يعاجله الموت ويترك أولاده في الهواء!

لم يكن البيت بالنسبة إلى سامر مجرد أرض وبناء بل كان انتصارا على كل الظروف وقطعا لكل الألسنة الشامتة..

ممدوح صديق سامر منذ الطفولة،نشأ في بيت فقير من الطوب اللبن،لم يعرف طعما للعيشة الكريمة!
فوالده بالكاد يستطيع توفير أدنى متطلبات حياتهم..

طالما نزل ببيت عائلة سامر، آكلا شاربا آخذا نصيبه من ملابس سامر القديمة،
كانت بالنسبة إليه بمثابة الجديدة، فيظل يجري بها فرحا،لم يشعر يوما بأي غضاضةفي ذلك..

دارت الأيام دورتها وتغيرت الأحوال..

كبر ممدوح وسافر إلى فرنسا تهريبا،لم يستنكف عملا فقد كان منطقه:
(البلد اللي محدش يعرفك فيها…..واجري فيها)!

بعد أعوام من الغربة علم أن سامر يُباع بيته فقرر شراءه،
تحقق حلمه والبيت الذي طالما جلس فيه كضيف خجول صار بيته..

كل ركن فيه يذكره بأيام لا يريد مجرد تذكرها!
لم يطق،فهدمه ومحا معالمه إلى الأبد!

ومن يومها و سامر يؤثر العمى على أن يذهب إلى مكان بيته السابق!

له في كل ركن ذكريات،فلن ينسى حجرة نومه،والتي بها سريران، واحد حديدي بأعمدة وله ناموسية من القماش الأبيض،وهذا سرير عرس جدته،والآخر عبارة عن كنبتين اسطنبولي..

شهدت هذه الحجرة ليالي عديدة سمع فيها الجدة وهي تحكي له ولإخوته قصص التراث الشعبي كقصة
(أبو رجل مسلوخة وأمنا الغولة وأبو زيد الهلالي وغيرها.. )
يااااه..
كانت ليالي دافئة طالما قبعوا فيها تحت (البطاطين) للاختباء من شخصيات قصص الرعب..

في هذه الحجرة قاسى مع جدته في نهايات عمرها..

سنوات أربع ظلت تعاني فيها من الربو والأزمات القلبية..

لم ينسَ قط منظرها وهي تبكي اشتياقا لزيارة بيت الله الحرام والروضة الشريفة مرة أخرى، يختلط نشيج بكائها بترديدها لأغنيتها الأثيرة لمحمد الكحلاوي:
( حب الرسولةيابا دوَّبني دوب..
عن المعاصي يابا توَّبني توب..
جاني في منامي يابا لبسني توب..

لم يفارق عينيه مشهدُ الوداع إلى الآن..

تجول بعقله حيث الصالة الفسيحة التي شهدت ليالي السمر الجميلة..

يرى أمام عينيه شريطا سينمائيا بالأبيض والأسود يجسد هذا المشهدَ النادر:
لم تكن الكهرباء قد دخلت البلدة ووالده قد اشتري لهم تلفازا صغيرا يعمل ببطارية سيارة تُشْحَن بواسطة طاحونة البلد المجاورة..

وفي تمام الساعة السابعة مساء كل يوم يلتف الجيران حول التلفاز في الصالة الفسيحة ليشاهدوا المسلسل البوليسي (الهروب) لنور الشريف..
ومسلسل التشويق :
( وتوالت الأحداث عاصفة) لعبدالله غيث الشهير بالضابط رشدي وتلك العبارة الأثيرة التي لازمته وجيله لسنوات 🙁 أنا البردعي يا رشدي)!

كم كانت سعادته غامرة وفخره كبير عندما يجد أن بيت العائلة صار مسرحا للجيران وكعبة يقصدونها كل ليلة..

لن تنمحي من ذاكرته أحداثُ عيد ميلاده وحجرةُ الصالون التي كانت شاهدة عليه،
في وقت لم تعرف البلدة إلا السبوع والطهور..

كان عيد ميلاده وإخوته فرحا صغيرا يُدْعَى فيه الصغيرُ والكبير..

ما زال يرى هداياه أمام ناظريه!

ظل عقله يجول..
وهاهو ذا في مكان رحب ما زالت رائحته تزكم أنفه كلما تذكَّره،رائحة الفرن البلدي العتيق وبجواره الكانون..

رفع ناظريه إلى أعلى حيث السطح..

فعليه صال وجال مع لعب العيال..
في الأيام المشمسة يحلو له تناول طعام الغداء على الحصير و الطبلية..
وفي الليالي الصيفية يطيب تناول الشاي على ضي القمر مصحوبا بأحاديث الذكريات الشجي..

ظل هذا الحنين والشوق الجارف يعصف بكل ذرة في كيان سامر،لم يجعل لدنياه طعما ولا لحياته قيمة..

ممدوح لم يكتف بشراء البيت وهدمه وطمس معالمه وبناءِ مكانه عمارةً سامقةً شاهقة،
إنه يريد أن يَتَشَفَّى ويشمت في سامر ويقضي على ما لديه من أنفة وشموخ،فدار في البلدة يلوك سيرتهم، ساخرا من حالهم..

استقل سيارته الفارهة مرتديا أفخم ما عنده من ثياب ،وبعدها كان عند سامر في مقر عمله..

طلب مقابلته،استدعاه المدير بنفسه لمقابلة رجل الأعمال الكبير..

(إيه ده مين؟!
دوحة… ازيك يا زِعْب)
والزعب هذا كان لقب ممدوح وهو صغير!
أسقط في يدي ممدوح وألجمته تلك الدخْلَة،
فبلع ريقه بصعوبة بالغة وتنحنح وحفظا لماء وجهه حاول أن يتصنع المرح بل وبالغ في تحية سامر واحتضنه على غير مراد منه قائلا :
أهلا بصديق الطفولة،
معقول فاكرني بعد الغيبة الطويلة دي؟!

انتهز سامر الفرصة فلم يفلتها:
شكلك متغيرش كتير،
بس إيه الوجاهة دي؟!
والله وبقينا بنلبس سينيهات وبراندات!

خرج ممدوح مسرعا ولم يلتفت إلى أحد!
لكن سامر استوقفه ونظر بحدة في عينيه قائلا :
آه.. نسيت أعزمك على وكيرة بيتي الجديد!

وقعت العبارة كالمطرقة على رأس ممدوح ومن شدة الحنق رد بتلعثم شديد يكشف عما يعتمل بداخله من نيران:
ههههو أنت بقي لككك بيت ؟!

رد سامر بهدوء:
نعم..
بيتي في المدينة
فلقد سئمت حياة القرى!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استمع للقصة الآن

التعليقات مغلقة.