الصفعة … الجزء الأول بقلم شفيقة غلاونجي
الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الأرق …جافاها النوم … تعثرت بثرثرات نساء الحي … بالأقاويل المنقولة من بعض الأقارب … كانت ثرثراتهن تشاكس مسامعها كجوقة موسيقية صاخبة لغازفين مبتدئين..ونفسها مضطربة بين التصديق والتكذيب …
إشاعات …نعم إشاعات هذا ماطمأنت به قلبها الذي كان يغلي كمرجل ماء ضاقت ذرعا بضوضاء أزيزه….تقلبت في فراشها كثيرا …. لدرجة أن عظامها طقطقت مستغيثة …ماالعمل ؟!! هذا مادار في ذهنها المشتعل كالجمر في كانون متّقد…
مع بزوغ الخيوط الأولى للفجر لمعت في رأسها فكرة هللت لها …ابتسمت .. تراخت نهاياتها الحسية وغفت …
استيقظت متكاسلة وقد اختمرت خطتها تماما …غادرت منزلها ….كانت أعصابها في سباق مستميت مع ساعة معصمها المُضجرة ….. سرعان ما اتجهت إلى العنوان المطلوب … حدثت نفسها بأنه أنسب الأوقات لتنفيذ ماصممت على القيام به سيما وأن زوجها في سفر بسبب طبيعة عمله التي تتطلب ذلك …
أخذت نفسا عميقا مغمضة عينيها ثم زفرته بقوة…استجمعت قواها .. وبيدٍ مرتعدة قرعت الباب المقصود بكل ماتحمله من غيظ احتشد في ثنايا روحها وفقدت القدرة على كظمه … …ومع اقتراب الخطوات في الداخل و الصوت الأنثوي المتسائل عمن بالباب تسارعت دقات قلبها حتى كادت تقفز من صدرها وفتح الباب قبل أن تجيب …
رحبت بها السيدة التي وقفت بالباب وعلامات الاستغراب تعلو وجهها ، وبابتسامة ماكرة حاولت قطع سيل تلك الدهشة التي غطت مساحة عينيها : أنا ندى .. تنحنحت لتبدد جفاف حنجرتها وتابعت : أنت أجمل بكثير من الوصف ياآنسة سحر …فقد جئتك خاطبة لأخي …أتسمحين لي بالدخول ؟ …
تفضلي أجابتها بعينين لامعتين وضحكة جزلى تتراقص على شفتيها فرحا بهذا الاطراء الذي عزز في داخلها كمّ الأنوثة المداسة بنعال ذكرٍ لايعرف قدرها …
في غرفة الاستقبال المطلة على غرفة الجلوس تبادلتا الحديث مع ارتشاف القهوة …
وهناك على ذلك الكرسي كانت بداية النهاية …معطف زوجها الذي لطالما قابلها به في لقاءات الحب المزعوم.. يتدلى معلنا خيانته وتحطم آخر أمل لها بأن يكون كل ماوصل إلى مسامعها كان محض افتراء …
خرجت متعثرة بخيبتها …تجر وراءها سنينا من العشرة المنتهكة في مجتمع ذكوري يعلن في كل يوم سطوته وجبروته ….ومن وراء ضباب دموعها المتكاثفة في عيني الحقيقة المرة ….ومن قلب مكلوم بمدية الخيانة ندّت عن روحها صرخة كبرياء ممزوجة ببارقة أمل جعلت من نون النسوة التي في داخلها تعلن تمردها …
خرجت وهي تمسح دمعة عزيزة جاهدت كثيرا لمنعها من السقوط في مكان لايليق بكبريائها..
التعليقات مغلقة.