في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة / 651 ” البراء بن مالك بن النضر من بني النجار”.. “حروب الردة” -8
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة / 651 ” البراء بن مالك بن النضر من بني النجار”.. “حروب الردة” -8
سادس عشر.. قالوا عن “اليمامة – عقرباء- حديقة الموت”..
وتقول “الجمهورية” في دور المهاجرين في المعركة.. ضمن سيرة الصحابي الجليل.. “زيد بن حارثة”.. فقسم خالد الجيش إلي قسمين: قسم المهاجرين والأنصار وأسند قيادة المهاجرين إلي زيد بن الخطاب. فحمل زيد الراية.. وعندما بدأت المعركة شهد ان هجوم المرتدين يزداد ساعة بعد ساعة وعدد شهداء المسلمين يزداد ووجد الخوف يسيطر علي المسلمين. فترك “زيد” صفوف الجيش وأصبح كالصقر ووقف علي أعلي ربوة في أرض المعركة غير خائف من الموت. وصاح في أصحابه يبث فيهم روح العزيمة والإقدام: “أيها الناس عضوا علي أضراسكم وامضوا قدما”…ثم صاح زيد في أصحابه وقال: “والله لا أتكلم حتي يهزمهم الله أو ألقاه سبحانه وتعالي فأكلمه بحجتي”. وكان لهذه الصيحة أثرها القوي في نفوس المسلمين. فحاربوا بشجاعة وتراجع المرتدون أمامهم. ومن هنا رأي “زيد” رياح النصر مقبلة ولم يعرف لحياته ختاماً أروع من هذا الختام. فتمني لو يرزقه الله الشهادة في يوم اليمامة هذا. وهبت عليه رياح الجنة فملأت نفسه شوقا ومآقيه دموعا وعزمه إصراراً. وراح يضرب في المرتدين ضرب الباحث عن مصيره العظيم.. وسقط البطل شهيداً وعاد جيش المسلمين ظافراً فرحاً بالنصر..
ويقول موقع “السراج” في وصف المعركة ضمن سيرة عباد بن بشر.. أحد أبطال المعركة.. عن دوره ودور الأنصار.. وكانت تضحيته وعنفوانه يتشكلان وفق المهام التي يلقيها عليه ايمانه.. ويرتفعان الى مستوى احساسه بالخطر ارتفاعا يجعل منه فدائيا لا يحرص على غير الموت والشهادة.. وكان استشهاده وصدق رؤيته.. فقبل أن تبدأ معركة اليمامة بيوم.. رأى عباد في منامه رؤيا لم تلبث أن فسرت مع شمس النهار.. وفوق أرض المعركة الهائلة الضارية التي خاضها المسلمون..
ولندع صحابيا جليلا هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقص علينا الرؤيا التي رآها عبّاد وتفسيره لها.. ثم موقفه الباهر في القتال الذي انتهى باستشهاده.. يقول أبو سعيد: ” قال لي عباد بن بشر يا أبا سعيد رأيت الليلة.. كأن السماء قد فرجت لي.. ثم أطبقت عليّ.. واني لأراها ان شاء الله الشهادة..
فقلت له: خيرا والله رأيت..واني لأنظر اليه يوم اليمامة.. وانه ليصيح بالأنصار: احطموا جفون السيوف.. وتميزوا من الناس.. فسارع اليه أربعمائة رجل.. كلهم من الأنصار.. حتى انتهوا الى باب الحديقة.. فقاتلوا أشد القتال.. و كان أن استشهد عباد بن بشر رحمه الله.. يقول.. ورأيت في وجهه ضربا كثيرا.. وما عرفته الا بعلامة كانت في جسده..
وهكذا ارتفع عباد والأنصار.. كل فرد فيهم.. الى مستوى واجباته كمؤمن من الأنصار.. بايع رسول الله على الحياة لله.. والموت في سبيله.. وعندما رأى المعركة الضارية تتجه في بدايتها لصالح الأعداء.. تذكر كلمات رسول الله لقومه الأنصار: أنتم الشعار فلا أوتيّن من قبلكم.. وملأ الصوت روعه وضميره.. حتى لكأن الرسول عليه الصلاة والسلام قائم الآن يردده كلماته هذه.. وأحس عباد أن مسؤولية المعركة كلها انما تقع على كاهل الأنصار وحدهم.. أو على كاهلهم قبل سواهم..
هنالك اعتلى عباد ربوة وراح يصيح: يا معشر الأنصار.. احطموا جفون السيوف.. وتميزوا من الناس.. وحين لبّى نداءه أربعمائة منهم قادهم هو وأبو دجانة والبراء ابن مالك الى حديقة الموت حيث كان جيش مسيلمة يتحصّن.. وقاتل البطل القتال اللائق به كرجل.. وكمؤمن.. وكأنصاري.. وكانت المعركة فاصلة ففيها انتصر المسلمون وهزم أعداؤهم بعد معركة من أعنف المعارك قتل فيها مسيلمة وأربعة عشر ألفاً من قومه (سبعة آلاف خارج عقرباء وسبعة آلاف في الحديقة) والتي سميت بعد ذلك بحديقة الموت..
فلنتذكر هذه الموقعة دائما.. هناك بعض المواقع الكثيرة تحدث وتنتهي ولا يتغير شيء بعدها.. وهناك بعض المواقع التي تغير وجه التاريخ.. ومن هذه الواقع الفارقة ليس في التاريخ الإسلامي فحسب.. بل في تاريخ البشرية كلها موقعة اليمامة التي غيرت وجه التاريخ..
وبعد.. فهذا مقتطف من أحداث اليمامة وانهيار موقع حديقة الموت.. وقد سميت معركة اليمامة بحديقة الموت نسبة إلى مجموعة الحصون التي كان يحتمي فيها مسيلمة الكذاب والتي كانت تسمى الحديقة.. فبعد المعركة انهارت كل القوى المقاومة في شبه الجزيرة العربية بعد انتهاء معركة اليمامة. وأرسل الخليفة أبو بكر خالد بن الوليد لفتح أراضي الإمبراطورية الفارسية..
سابع عشر.. أشهر شهداء المعركة..
زيد بن الخطاب.. شقيق عمر بن الخطاب.. سالم مولى أبي حذيفة.. ثابت بن قيس.. الطفيل بن عمرو الدوسي..
عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول.. عباد بن بشر.. السائب بن عثمان بن مظعون.. عبد الله بن أبي بكر الصديق.. وكان من شهداء المعركة العديد من حفظة القرآن الكريم..
.. نكمل غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.