كلام تحب تعرفه 4…بقلم سامية محمود عفيفي
5- ظروف تمر بها :
كل البشر فى جميع أنحاء العالم يمرون بظروف عديدة مع إختلاف أعمارهم وجنسيتهم ولكن يمكن أن تتشابه الظروف وتترك نفس الأثر فى قلوب أصحابها . ويمكن أيضا أن تترك أثراً مختلفاً برغم تشابه تلك الظروف . فمن منا لم يفقد أعزاء لم يكن فى ذهنه يوماً أن يعيش بدونهم أو يستكمل حياته برغم عدم وجودهم . ومن منا أيضا لم يمر بمراحل فشل فى حياته أو لحظات يأس من أمر ما . فتلك هى الحياة وهكذا الدنيا ما بين أعلى وأدنى وبين ضعف وقوة . ما بين صعود وهبوط . وكل حالة من هذه الحالات تترك بداخلك أثر يعمل على تشكيل شخصيتك أو حتى تُغير منها قليلاً ومن طباعك وظروف حياتك.
فمثلا عند فقدان أحد الوالدين تنتابك مشاعر لا تعرف لها معنى ولا تفسير وحتى لا تطيق تحملها . وفى الحقيقة شعور فقدان الأب مختلف تماما عن شعور فقدان الأم . فعند فقدان الأب تشعر بأنك كالطفل الذى لا يعرف شيء ويقف بمفردة فى مكان لا يعرفة كالتائه الذى لا يعرف أحد ولا يستطيع التعامل مع أحد ويتملكه الخوف من كل شيء ومن كل الناس. فمن كان يحمية ويسنده قد رحل وتركه يواجهه الدنيا وحيداً. ومهما كان حوله من أشخاص قريبين يظل يشعر بالوحده والخوف من كل شيء فبعد الأب لا يوجد أب أخر مهما تعددت الأشخاص حوله . فالأب هو الأمان والحماية والسند فى هذه الحياه المؤلمة. الشخص الوحيد الذى يمكن له أن يعوضك ويهون عليك عدم وجود الأب هو وجود الأم .. ليست بالصورة الكاملة ولكنها تعوض جزء بسيط يجعلك تقوى على مواجهه الحياة من جديد دون أب. ولكن عند فقدان الأم فمشاعر فقدانها تختلف تماماً. فوقتها تفقد حلاوة الدنيا وتفقد طعم كل شيء حولك فلا تجد المتعه عند أى أحد أو فى أى شيء. تشعر وقتها أن نوراً قد إنطفأ ولم يضيء مرة ثانية. فقدُ الحنان والحب الحقيقى وجمال الدنيا كله . فتصبح كل أحداثك ناقصة شيء. السعادة والنجاح والفرح والمتعة جميعاً ينقصهم شيء لا يستطيع أحد تعويضة. وليست كل الأمور كاملة حتما ينقصها أجمل ما فيها فتصبح كالصورة الباهته التى تنظر إليها فلا تستطيع رؤيتها بوضوح لأنها مشوهه وملامحها باهته فلا يمكنك رؤيتها. الحقيقة مهما كتبت عن هذا الشعور لن أستطيع وصفة بالشكل الكامل لأنها مشاعر لا تعبر عنها الكلمات أو السطور ولو كُتبت فى مجلدات العالم.
بالتأكيد فقدان الاعزاء يؤثر فى شخصيتك. وقتها تشعر أنك أصبحت شخصية مختلفة لا تهتم بأمور كنت تهتم بها من قبل . يمكن أن تصبح أكثر حساسية للمواقف وأكثر تأثُرا بالكلام والأحاديث ولكنك تحاول إخفاء ذلك حتى لا يهزمك أحد . لا تريد أن تشعر بأن شيء ينقصك حتى ولو كانت هذه هى الحقيقة ولكنك لا تريد أن تعترف بها لأى أحد أو حتى أن تعترف بها لنفسك . تحاول تمثيل دور أنك لا تحتاج أحد ولا تحتاج شيء وأنت فى الحقيقة تحتاج كل شيء وكما قلت كل الأحداث ناقصة ولن تكتمل ثانية. أيضا تصبح زاهدا فى الحياة لا تتمسك بها بالشكل الكبير الذى كنت عليه سابقا تشتهى الذهاب منها حتى تلتقى بهؤلاء الأعزاء وتطمئن بهم فلا يغريك مال ولا سلطة ولا نجاح ولا أى شيء فالناقص فيهم يؤلمك أكثر من أنه يسعدك . وهذا بالتأكيد يغير فيك الكثير والكثير والكثير حتى يمكن أن تصبح شخص لا تعرفه أنت من قبل ذلك. غريب عنك وغريب على من حولك وعلى من يعرفونك.
وليست فقط العوامل السابقة التى ذكرناها من قبل هى فقط المؤثرة فى إكتسابك بعض الطباع والمميزات من الأخرين أو المحيطين بك ولكن يوجد العديد من العوامل الأخرى المهمة فيمكن أن تذهب فى رحلة مع مجموعة من الأشخاص وتكتسب منهم طبع أو صفة جديدة. يمكن أيضا أن تكتسب من جيرانك بعض الأمور . أى تعامل مع الأخرين يمكن أن يكسبك بعض الطباع فى شخصيتك ويمكن أيضا أن يغير فى شخصيتك الكثير.
ولكن من أهم وأكثر الأشياء التى تؤثر فى شخصيتك هى المواقف التى تمر بها فى حياتك كما وضحنا . وأيضا وجود أشخاص جديدة يمكن أن يغير من طبعك أو صفاتك . لحظات الفشل والنجاح والحزن والسعادة والحب والخيانة والمرض …. إلخ وغيرها من الأمور الكثيرة التى تجد أنها دون أن تشعر تترك فى شخصيتك أثراً جديداً يغير فى مجرى حياتك أو فى مميزاتك أو عيوبك أو طباعك الشخصية .
حاول الأن أن تستعيد بعض اللحظات التى مرت فى حياتك وقارن بين شخصيتك قبل هذه المواقف وبعدها …. ستجد الأن التغير الذى حدث يمكن أن تكون أصبحت أكثر نضجاً. أو أكثر تأثراً بالأمور. أو أكثر خوفاً . أو أكثر قوة . على حسب كل موقف ستجد النتيجة التى أثرت فى شخصيتك وتكوينك. وكلٌ حسب الحدث الذى مر فى حياتك وترك ذلك الأثر. فكثيراً ما يمر علينا مواقف ونقول لأنفسنا لو أن هذه المواقف حدثت من قبل لكان رد الفعل منا مختلف تماماً عن الأن .
سنتعرف بداية من المقال القادم على بعض الصفات التى قد تكون ميزة او عيب فى الشخصية وكيفية التعامل معها.
التعليقات مغلقة.